للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول في الهداية والإضلال إلى أصلهم في الجبر ونفي تأثير الأسباب، ونفي الحكمة والتعليل.

وأما كون الله سبحانه يهدي ويضل فهم يثبتونه كما سبق، بل نصوا كذلك على مراتب الهداية الثلاث بعد الهداية العامة.

قال الباقلاني: "فإن قال قائل: فهل تقولون إن الله يهدي المؤمنين ويضل الكافرين؟ قيل له: أجل، فإن قال: وما معنى هدايته للمؤمنين؟ قيل له: قد يهديهم بأن يخلق هداهم وينور بالإيمان قلوبهم، وقد يهديهم أيضًا بأن يشرح صدورهم ويتولى توفيقهم له وإعانتهم عليه وتسهيله لهم السبيل إليه، كل ذلك هداية منه لهم، وقد يهديهم أيضًا في الآخرة إلى الثواب وطريق الجنة، وذلك هدى لهم من فعله، فإن قال: فما معنى إضلاله الكافرين؟ قيل له قد أضلهم بأن يخلق ضلالهم قبيحًا. . . وقد يضلهم بترك توفيقهم وتضييق صدورهم وإعدام قدرهم على الاهتداء، وقد يضلهم عن الثواب وطريق الجنة في الآخرة، كل ذلك إضلال لهم" (١).

وقال الجويني - بعد إيراده آيات في الهداية والإضلال -: "واعلم أن الهدى في هذه الآي لا يتجه حمله إلا على خلق الإيمان، وكذلك لا يتجه حمل الإضلال على غير خلق الضلال، ولسنا ننكر ورود الهداية في كتاب الله ﷿ على غير المعنى الذي رُمناه، فقد يرد والمراد به الدعوة .. وقد ترد الهداية ويراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطرق المفضية إليها يوم القيامة" (٢).


(١) التمهيد (٢٧٦ - ٢٧٨).
(٢) الإرشاد (٢١١)، وانظر: أبكار الأفكار (٢/ ١٩٣) وما بعدها، ونهاية الإقدام (٤١٢ - ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>