للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشهرستاني: "قالت الأشعرية: التوفيق والخذلان ينسبان إلى الله تعالى نسبة واحدة على جهة واحدة، فالتوفيق من الله تعالى خلق القدرة الخاصة على الطاعة. . . والخذلان خلق قدرة المعصية" (١).

وقال ابن المنيِّر: "الهدى من الله تعالى عند أهل السنة حقيقة هو خلق الهدى في قلوب المؤمنين، والإضلال: خلق الضلال في قلوب الكافرين، ثم ورد الهدى على غير ذلك من الوجوه مجازًا واتساعًا" (٢).

وقول الأشاعرة: خلق القدرة على الطاعة، وخلق القدرة على المعصية: المراد به خلق الطاعة والمعصية نفسها، إذ لا قدرة عندهم متقدمة على الفعل، وليس ثَمَّ إلا القدرة المقارنة.

قال الشهرستاني في سياق كلامه المتقدم: "والاستطاعة إذا كانت عنده مع الفعل، وهي تتجدد ساعة فساعة؛ فلكل فعل قدرة خاصة، والقدرة على الطاعة صالحة لها دون ضدها من المعصية فالتوفيق خلق تلك القدرة المتفقة مع الفعل والخذلان خلق قدرة المعصية. . . والقدرة الصالحة للضدين أعني الخير والشر إن كانت توفيقًا بالإضافة إلى الخير، فهي خذلان بالإضافة إلى الشر" (٣).

وقد تقدم إبطال قولهم في نفي قدرة العبد ومشيئته، وقولهم في نفي الحكمة والأسباب، وهذا يرد قولهم هنا.

ويرده كذلك أن الله سبحانه أثبت للعبد اهتداءً وضلالًا، كما في قوله


(١) نهاية الإقدام (٤١٢).
(٢) الانتصاف بهامش الكشاف (٥/ ٣٧٧).
(٣) نهاية الإقدام (٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>