للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النحل: ٩٣]، ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾ [إبراهيم: ٢٧]، و ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾ [غافر: ٣٤].

ونحو هذا في القرآن كثير، يعني في جميع ذلك: أنه يوقع عليه اسم الضلال، ويدعوه به بعد العصيان والطغيان، لا أنه يغويهم عن الصراط المستقيم كما أغوى وأضل فرعونُ قومَه" (١).

وعندهم أن الله سبحانه إنما قال: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [النحل: ٩٣] "خبرًا عن نفسه وإثباتًا له القدرة على كل شيء، لكي لا يظن جاهل أن الله عاجز عن أن يمنع الضُّلَّال من الضلالة، لأن في الناس متجاهلين كثيرًا. . . فأراد سبحانه أن يثبت الحجة لنفسه على الجهال الذين يقولون مثل هذه المقالة فيه" (٢).

وضلال المعتزلة في هذه المسألة مرتبط بضلالهم في مسائل أخرى، منها:

- مسألة النعمة الدينية؛ فعندهم أنه ليس لله سبحانه على الطائع نعمة خاصة أعانه بها على الطاعة.

- مسألة خلق الأفعال، فأفعال العباد غير مخلوقة لله عندهم، شرها ابتداءً وخيرها طردًا للباب، فما وقع من اهتداء من العبد أو ضلال فالله لم يخلقه، لأن كل خير في أفعال العباد فهو اهتداء، وكل شر فهو ضلال.

- مسألة الحكمة، فالمعتزلة يثبتون حكمة منفصلة عنه سبحانه، وخلق الضلال عندهم مناف للحكمة؛ فهو لم يخلقه ولم يخلق نظيره من الهدى.


(١) المصدر السابق (٢/ ٨٣ - ٨٤).
(٢) الرد على المجبرة ليحيى بن الحسين (ضمن رسائل العدل والتوحيد) (٢/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>