للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الدليل السابع؛ فيدل على ما ذكروه، لكن لا يدل على أن الله سبحانه لا يهدي ولا يضل، فتزيين الضلال والدعوة إليه وفعله واكتسابه شيء، وخلقه شيء آخر.

وأما الدليل العقلي، فهو إلزامات تدور على لزوم الجبر من إثبات هداية الله وإضلاله، وهذا إنما يلزم الجبرية النافين لقدرة العبد ومشيئته، وأما من يثبت للعبد قدرة ومشيئة يفعل بهما - وهما سببان من أسباب وجود الفعل -؛ فلا يتوجه عليه هذا الإلزام، فالله سبحانه يهدي فضلًا منه سبحانه، ثم العبد يتسبب في الهداية بعد ذلك إلى أنواع الطاعات، وهو سبحانه يضل عبده لاستحقاقه الإضلال، والعبد يضل بسبب تركه الهدى.

ثم إن إضلال الله سبحانه للعبد ليس ظلمًا بل هو عدل وحكمة - كما تقدم - (١).

وأما ما زعموه من أن الإضلال هو الخذلان وترك التسديد والإعانة ومنع الألطاف؛ فهو معنى صحيح، فمن أضله الله سبحانه فإنه قد خذله ومنع عنه الإعانة ولم يسدده، لكن الإضلال مشتمل - مع هذا - على معنى زائد، وهو خلقه سبحانه الضلال في القلب.

وأما دعواهم أن معنى إضلال الله سبحانه لعبده: تسميته ضالًّا أو دعوته بالضلال ونحو ذلك فباطل مخالف للشرع واللغة.

أما الشرع فتقدم، وأما اللغة فليس فيها أضله بمعنى وجده ضالًّا أو سماه ضالًّا ونحوه.


(١) انظر ما تقدم ص (٦٧٣ - ٦٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>