للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها الخوض في القدر إثباتًا ونفيًا بالأقيسة العقلية: كقول القدرية لو قدر وقضى ثم عذب كان ظالمًا، وقول من خالفهم إن اللهَ جبر العباد على أفعالهم ونحو ذلك" (١).

ومعنى التعمُّق: التنطُّع والتكلُّف، والمُتَعَمِّق: المُبالِغ في الأمر المتشَدِّد فيه، الذي يطلب أقصى غايته (٢).

والتعمق في هذا الجانب والخوض فيه كان السبب في ضلال من ضل في هذا الباب وانحرافه، قال شيخ الإسلام في تائيته في القدر (٣):

وأصل ضلال الخلق من كل فرقة … هو الخوض في فعل الإله بعلةِ

فإنهمُ لم يفهموا حكمة له … فصاروا على نوع من الجاهليةِ

فأصل ضلال الفرق جميعها هو طلبهم للعلة في أفعال الله سبحانه؛ لِمَ خلق كذا، ولِمَ يخلق كذا؟ ولمَ أفقر فلانًا، وأغنى فلانًا؟ ونحو ذلك.

وقال الزهري : "القدر رياض الزندقة؛ فمن دخل فيه هَمْلَج (٤) " (٥).

والخوض في القدر - مع كونه منهيًّا عنه - لا يُجدي على صاحبه شيئًا، بل لا يزيده إلا ضلالًا وتحيُّرًا وتهوُّكًا.


(١) فضل علم السلف على الخلف (١٦ - ١٧).
(٢) انظر: النهاية (٣/ ٢٩٩)، تاج العروس (١/ ١١٧).
(٣) مجموع الفتاوى (٨/ ٢٤٦).
(٤) الهَمْلَجَة: حُسْن السير في سرعَة وبَخْتَرَة، انظر: تهذيب اللغة (٦/ ٥١٤)، ولسان العرب (٣/ ٢١٧)، مادة: (هَمْلَج).
(٥) رواه اللالكائي (٤/ ٧٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>