للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن بطة : "والناظر فيه [أي الجانب الخفي] كالناظر في عين الشمس؛ كلما ازداد فيه نظرًا ازداد فيه تحيُّرًا، ومن العلم بكيفيتها بُعدًا" (١).

وقال ابن عبد البر : "والقدر سِرّ الله، لا يُدرك بجدال، ولا يشفى منه مقال، والحِجَاج فيه مُرتَجة، لا يفتح شيء منها إلا بكسرِ شيء وغَلقه، وقد تظاهرت الآثار وتواترت الأخبار فيه عن السلف الأخيار الطيبين الأبرار، بالاستسلام والانقياد والإقرار بأن علم الله سابق، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦] " (٢).

وهو كذلك سوء أدب مع الله وجرأة عليه، إذ كيف يليق بالمخلوق الضعيف القاصر في علمه وحكمته أن يتطَلَّب ما اختص به الرب الكامل في ذاته وصفاته؟!

وهو كذلك انشغال عن المأمور به إلى أمر نُهي عنه.

قال المناوي : "وطلب سِرّ الله تعالى منهي عنه، لما فيه من سوء الأَرَب وعدم الأدب، والعباد مأمورون بقبول ما أمرهم الشرع من غير أن يطلبوا سِرّ ما لا يجوز سِرّه" (٣).

ثم ليُعلم أن جَعْل الله سبحانه هذا الجانب سرًّا هو رحمة منه بعباده ولطف بهم، ليستقيم لهم التكليف، ولئلَّا يفتتنوا ويفتروا عن العمل، ويتكلوا على مصير الأمر في العاقبة؛ فيكونوا بين أمن أو قنوط، فرحمهم الله،


(١) الإبانة (١/ ٢٤٧).
(٢) التمهيد (٦/ ١٣ - ١٤)، وانظر: (٣/ ١٣٩ - ١٤٠) منه.
(٣) فيض القدير (٤/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>