يجب على الله سبحانه أن يلطف لكل من كلفه، ولا مزية في هذا لأحد على أحد، وبعد هذا اللطف؛ من المكلفين من يؤمن، ومنهم من يكفر، وأما النعمة الدينية فهي أمر زائد عن ذلك، فهي خلق اختيار الطاعة في قلب العبد ومحبتها وإيثارها على ضدها، وهي التي دل عليها قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ [الحجرات: ٧].
واللطف الخاص بالمؤمنين عندهم من قبيل الثواب على الطاعة لا أنه الحامل عليها، إذ هو بعد الطاعة، وهو التسديد والتثبيت ونحو ذلك من المعاني، ويتضح هذا في قول القاضي عبد الجبار:"فنقول: إنه تعالى هدى الخلق بالأدلة والبيان، ويهدي من آمن بالثواب خاصة، ويهديهم أيضًا بالألطاف، ونقول: إنه يضل من استحق العقاب بالمعاقبة، وبأن يعدلهم عن طريق الجنة، وبأن لا يفعل بهم من الألطاف ما ينفعهم"(١).
وأما النعمة الدينية فهي الحامل على الطاعة، وليست هي ثوابها، ولكن قد تكون الطاعة الأولى سببًا في نعمة تحمل على طاعة أخرى، وهكذا.
ومما يبطل قولهم كذلك: ما تقدم من أدلة على ثبوت نعمة دينية خاصة بالمؤمن، والله أعلم.