للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمشركون من بعده وزنادقة الشعراء والجهال، فلربما أخرجه هذا الاحتجاج عن دائرة أهل الإسلام، إذ المذنب بعد الذنب أحد رجلين:

- مسلم مفرط مضيع، ابتلاه الله بالذنوب والآثام، يرى ثقل ذلك على نفسه، ويخاف ذنبه.

- زنديق مفتون أراد الهروب من تبعات ذنبه وعقوبته فرمى بذنبه على القدر ولامه وحمله التبعة.

فالعاقل يربأ بنفسه أن يكون زنديقًا مرتدًا، ويختار لنفسه أن تكون عاصيًا مفرِّطا، فإن العاصي إذا وافى الله سبحانه بمعصيته الكبيرة إما أن يغفر له تفضُّلًا، وإما أن يعذبه بقدر ذنوبه ثم يدخله الجنة، فإن المسلم الذي مات على التوحيد صائر إلى الجنة لا محالة، لكن إما أن يدخلها ابتداءً، وإما أن يدخلها بعد أن يدخل النار على مقدار ذنبه.

ثم ليذكر أن الله سبحانه الذي قدَّر عليه الذنب حكمة منه وعلمًا؛ قد فتح له بابًا يوصله إليه إذا أراد العودة إليه بصدق في وقت المهلة، إنه باب التوبة النصوح التي لا تبقي للذنب أثرًا، بل لربما كانت سببًا في رفعة الدرجة وعلو المنزلة.

قال ربُّنا : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التحريم: ٨]، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢].

وقال نبيُّنا : (إن الله ﷿ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار،

<<  <  ج: ص:  >  >>