للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شريعة واللوم في شريعة، إلى زاعم أنه إنما حجه لأن الاحتجاج وقع في الدار الآخرة، إلى آخر يزعم أنه إنما حجه لأنه شهد الحكم وجريانه على الخليقة وتفرد الرب سبحانه بربوبيته، وكلها أقوال ضعيفة (١)، والمعتمد ما ذُكر في الوجهين السابقين.

وأما الشبهة الرابعة؛ فهي قريبة من الشبهة الثانية، وهي مبنية على السؤال الفاسد لماذا فعل الله كذا ولم يفعل كذا، وهو سؤال باطل كما تقدم.

ثم إن هداية الله سبحانه لمن هدى وخذلانه لمن خذل لا ظلم فيه، بل هو عدل وحكمة، وقد سبق بيان ذلك (٢)، فالهداية فضله سبحانه، وليس من منع فضلَه ظالمًا، لا سيما إذا منعه من لا يليق به ولا يزكو به.

وأما الشبهة الخامسة؛ فجوابها: أنه ليس كل رضًا بالقضاء واجب، بل منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو حرام، والرضا بالمعاصي من قسم الحرام، فلا يجوز الرضا بها (٣).

ثم ليعلم بعد هذا مَن احتج بالقدر أنه مع كون الاحتجاج بالقدر على الذنوب لم يدل عليه دليل من شرع ولا عقل ولا لغة، - بل هو مناف لكل دليل -؛ ليعلم أنه لا ثمرة محمودة من الاحتجاج بالقدر على الذنب، لأن العبد حين يحتج بالقدر على الذنب يعارض بين ما شرعه الله وما قدَّره، ومعارضة الشرع والقدر كفر وزندقة، السلف الأول فيها إبليس أخزاه الله


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣٠٤ - ٣٠٥)، وشفاء العليل (١/ ٨٣ - ٨٤).
(٢) انظر ما تقدم ص (٦٧٣ - ٦٧٤).
(٣) سيأتي تفصيل أحكام الرضا بالقضاء في المبحث الآتي بعون الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>