للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به)، ويسمي حاجته (١).

فذكر طلب الرضا بعد وقوع المقدور، مع ما في الدعاء نفسه قبل وقوع المقدور من توكل على الله.

قال ابن القيم : "تأمل كيف وقع المقدور مكتنفًا بأمرين: التوكل الذي هو مضمونُ الاستخارة قبله، والرِّضا بما يقضى الله له بعده، وهما عنوانُ السعادة" (٢).

وأما ما يكون من العبد قبل وقوع المقدور فهو عزم على الرضا لا الرضا نفسه، ولهذا يوجد في الناس من يعزم على الرضا فإذا وقع المقدر انفسخ عزمه ولم يرضَ (٣).

وهذه المسألة - مسألة الرضا بالقدر - مما اختلف فيه الناس اختلافًا كثيرًا، وتنوعت فيه مذاهبهم تنوعًا عظيمًا.

وتحقيق الصواب في هذه المسألة مبني على معرفة أصلين:

الأصل الأول: التفريق بين الفعل والمفعول.

الأصل الثاني: التفريق بين أنواع القضاء الكوني.

أما الأصل الأول؛ فسبق بيانه، وأن مذهب أهل السنة جميعًا هو التفريق بين الفعل والمفعول (٤)، وتطبيق هذا الأصل الجليل هنا هو التفريق بين القضاء


(١) تقدم تخريجه ص (١٤٢).
(٢) زاد المعاد (٢/ ٤٤٤).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٣٧).
(٤) انظر ما تقدم ص (٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>