للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي هو فعل الله سبحانه ووصفه، وبين المقضي المفعول المخلوق.

فالأول: الرضا به واجب، وهو من الإيمان بالله ربًّا خالقًا إلهًا مدبِّرًا متَّصفًا بكل كمال ومنزَّهًا عن كل نقص.

والثاني: لا يطلق القول فيه بنفي ولا إثبات، بل يفصل الكلام في أقسامه، ويعطى كل قسم ما يليق به من حكم، وتفصيله في:

الأصل الثاني: وهو أن القضاء الكوني الذي هو المفعول المنفصل نوعان (١):

النوع الأول: ما يقضيه الله سبحانه مما يوافق إرادة العبد ومحبته ورضاه من صحة وعافية وغنى ولذة، ونحوها، فهذا الرضا به لازم للعبد بمقتضى الطبيعة التي جبله الله عليها من محبة ما ينفعه ويلتذ به، وإذ كان لازمًا له؛ فليس في الرضا به عبودية في ذات الأمر، بل العبودية فيه بالقيام بشكره، بالاعتراف به في القلب والثناء به على الله ﷿ واستخدامه فيما يرضي الله سبحانه وعدم الاستعانة به على مساخطه.

النوع الثاني: ما يقضيه الله سبحانه مما لا يوافق إرادة العبد ومحبته، وهذا على قسمين:

القسم الأول: ما ليس للعبد فيه اختيار، وهو المصائب والمحن التي يقدرها الله سبحانه على العبد، سواء كانت بلاءً مجردًا، أو عقوبة على ذنب سابق.

وهذا الرضا به مشروع، وهو مستحب على الصحيح وليس بواجب، إذ الواجب هو الصبر، فإذا انضاف إليه الرضا فنور على نور، وإلا فقد أدى العبد بالصبر ما وجب عليه.


(١) انظر: مدارج السالكين (٢/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>