للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلا القولين: وجوب الرضا وعدمه قولان لأهل السنة، وهما قولان لأصحاب أحمد وغيرهما (١).

ومما يدل على عدم وجوبه:

أولًا: أن الإيجاب حكم شرعي، والأحكام الشرعية مبناها على الأدلة لا على الرأي المحض، ولا دليل على الوجوب، إذ لم يأت في كتاب ولا سنة وجوب الرضا، وإنما ذلك في الصبر (٢).

ثانيًا: أن النصوص دلت على أن الرضا من مقامات الإحسان التي هي من أعلى المندوبات، وما كان كذلك فليس بواجب، ولذلك كان الرضا بالقدر على حسب معرفة العبد بالله وأسمائه وصفاته، فتمامه تمامها، ونقصه بحسبها.

ومن هذه النصوص قول الله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن: ١١]، قال علقمة : "هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم" (٣).

وقال عمر بن عبد العزيز : "لا يستوي عندك ما تحب وما تكره، ولكن الصبر مُعوَّل المؤمن" (٤).

وقال سُليمان الخوَّاص (٥): "الصبر دون الرضا؛ الرضا أن يكون


(١) انظر: منهاج السنة (٣/ ٣٠٤)، ومدارج السالكين (١/ ١١٠ - ١١١).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٧٠٩)، ومدارج السالكين (١/ ٢٥٦).
(٣) رواه البيهقي: كتاب الجنائز، باب الرغبة في أن يتعزى بما أمر الله تعالى به من الصبر والاسترجاع (٤/ ٦٦).
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في الاعتبار (٤٢) رقم (١٩).
(٥) هو: أبو أيوب، سليمان الخواص، زاهد أهل الشام في زمانه، قال سعيد بن عبد العزيز: =

<<  <  ج: ص:  >  >>