للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢١٦].

ومن أجل هذا كان كل قضاء يقضى للمؤمن فهو خير لما يفضي إليه، إذ لا يخلو هذا القضاء عن أن يكون سراء أو ضراء، فالسراء يشكر عليها، والضراء يصبر عليها، ولهذا قال النبي : (عجبًا لأمر المؤمن! إن أمره كله خير - وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن - إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له) (١).

القسم الثاني: ما للعبد فيه اختيار، وهو ما يُقدَّر على العبد مما يكرهه الله ويسخطه وينهى عنه كأنواع الظلم والفسوق والعصيان.

فهذا لا يجوز الرضا به، بل يجب كراهيته وسخطه، لأنه مبغوض لله سبحانه مكروه، والواجب بغض ما يبغضه الله كما يجب حب ما يحبه.

وقد ذم الله سبحانه من رضي بما أسخطه فقال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢٨]، وقال سبحانه: ﴿يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٩٦].

قال شيخ الإسلام : "فمن أمر أو استحب أو مدح الرضا الذي يكرهه الله ويذمه وينهى عنه ويعاقب أصحابه؛ فهو عدو لله لا ولي لله، وهو يصد عن سبيل الله وطريقه، ليس بسالك لطريقه وسبيله" (٢).

وبهذا التفصيل يزول اللبس في هذه المسألة العظيمة، وسر الصواب فيها


(١) رواه مسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير (٤/ ٢٢٩٥) ح (٢٩٩٩).
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٧٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>