وقال أيضًا:"فصل في أن المحبة والرضا والاختيار والولاية ترجع إلى الإرادة"(١).
فهؤلاء وقعوا في شبهة تلازم القضاء والرضا، فما وافق القدر فهو مرضي، وما خالفه فهو غير مرضيٍّ.
ولا تلازم في حقيقة الأمر فقد يقضي الله سبحانه ما لا يرضاه كالكفر والفسوق والعصيان، وقد يرضى بما لم يقضه كإيمان أبي جهل.
وضلال المعتزلة في هذا مركب من انحرافهم في ثلاث مسائل:
الأولى: نفي انقسام الإرادة إلى شرعية وكونية.
الثانية: نفي التفريق بين الفعل والمفعول.
الثالثة: نفي انقسام القضاء إلى كوني وشرعي.
أما المسألة الأولى؛ فقد تقدم بيان الصواب فيها والرد على مخالفة المعتزلة فيما سبق، وأنه لا تلازم بين المشيئة والمحبة، وأن الله سبحانه قد يريد كونًا ما لم يأمر به شرعًا، وقد يريد شرعًا ما لم يرده كونًا، وكذا المسألة الثانية؛ مضى تفصيل القول فيها.
وأما المسألة الثالثة: فإن النصوص قد دلت بالاستقراء على التفريق بين القضاء الشرعي والكوني، وإذا ثبت ذلك لم يعد هناك ما يشكل في إثبات كون المعاصي بقدر الله وخلقه.
وهذه هي حقيقة مخالفة المعتزلة هنا؛ فإنهم أصابوا في أنه لا يجوز الرضا