للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمعاصي، لكنهم أخطؤوا في جعل ذلك دليلًا على عدم إرادة الله سبحانه وخلقه لها، وقد تقدم في مبحث خلق الأفعال ما يبطل مذهبهم.

وذهب غلاة الجهمية إلى أن الرضا بالقضاء قربة وطاعة؛ والمعاصي بقضاء الله؛ فيجب الرضا بها، وهو قول الصوفية الذين طووا بساط الأمر والنهي بالقضاء والقدر.

فقد اجتمع لهم أربع شبه حادت بهم عن طريق الحق في هذه المسألة هي:

أولًا: عدم تفريقهم بين المشيئة والمحبة وظنهم أن كل ما شاءه الله سبحانه فقد أحبه، فعندهم أن المعاصي محبوبة للرب سبحانه.

ثانيًا: اعتقادهم أن الله سبحانه أمر بالرضا بها.

ثالثًا: نفيهم للحسن والقبح العقليين.

رابعًا: قولهم بالجبر ونفي فعل العبد.

فتركب لهم من اجتماع هذه البلايا رفع الأمر والنهي وطي بساط الشرع والاستسلام للقدر والذهاب معه حيث كان (١)، حتى جعلوا الرضا: "ألا تسأل الله الجنة ولا تستعيذ به من النار" كما نقل عن أبي سُليمان الدَّاراني (٢).


(١) انظر: مدارج السالكين (١/ ٢٥٢).
(٢) انظر: الرسالة القشيرية (٣٤١)، وهو: أبو سليمان، عبد الرحمن بن أحمد، وقيل: عبد الرحمن بن عطية، وقيل: ابن عسكر العنسي الداراني، الزاهد المشهور، ولد في حدود (١٤٠ هـ)، مما قاله: "ليس لمن أُلهم شيئًا من الخيرات أن يعمل به حتى يسمعه من الأثر"، مات سنة (٢١٥ هـ).
انظر: صفة الصفوة (٤/ ٢٢٣)، وسير أعلام النبلاء (١٠/ ١٨٢)، وطبقات الصوفية (٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>