للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥].

وحديث الأسود بن سريع : أن نبي الله قال: (أربعة يوم القيامة؛ رجل أصم لا يسمع شيئًا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: ربي لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول. فيأخذ مواثيقهم ليطيعُنَّه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا) (١).

إذا تبين هذا؛ عُلم أنه لا تلازم بين كون الشيء قبيحًا في نفسه، وبين المؤاخذة به، لأن المؤاخذة حكم يتلقى من الشرع، فقبل وروده لا مؤاخذة عليه، وإذا كانت المؤاخذة على ما قبح في الشرع متوقفة على وصول الحجة؛ فمن باب أولى ألا تكون المؤاخذة على ما قبح عقلًا قبل ورود الشرع.

وهذه المسألة هي التي خفيت على مخالفي أهل السنة فظنوا أن ثبوت الحسن والقبح في الأشياء قبل ورود الشرع مستلزم لأن يحاسبوا عليها، فأنكره بعضهم والتزمه آخرون، ولو وفَّوا هذه المسألة حقها لما كان ثَمَّ خلاف ولعادت مسألة التحسين والتقبيح اتفاقية وفاقية لا خلافية (٢).

فإن قيل: ما فائدة كون الشيء في نفسه قبيحًا إذا لم يكن ثم عقاب عليه؟


(١) تقدم تخريجه ص (٣١٩).
(٢) انظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ٤١٢ - ٤١٤)، وإيثار الحق (٣٤٢ - ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>