وحسنًا بالنظر إلى تضمنه صدق الخبر الأول، وإذا لم يكذب كان صدقه حسنًا بالنظر إلى ذاته قبيحًا بالنظر إلى تضمنه كذب الخبر الأول، فجهة الحسن فيه مختلفة عن جهة القبح فيه (١).
وأما المعتزلة؛ فمذهبهم مقابل لمذهب الأشاعرة، فقد ذهبوا إلى أن التحسين والتقبيح مرجعه إلى العقل.
والأفعال عندهم بحسب معرفة طريق حسنها وقبحها ثلاثة أقسام:
الأول: ما طريق معرفته ضروري يعلمه العاقل بالاضطرار، ولا يفتقر فيه إلى السمع، وهو أصول المقبحات والمحسنات والواجبات، وهو من جملة كمال العقل، إذ أنه لو لم يكن معلومًا بالعقل لصار غير معلوم أبدًا، لأن النظر والاستدلال لا يتأتى إلا ممن هو كامل العقل، ولا يكون كذلك إلا وهو عالم ضرورة بهذه الأشياء ليتوجه عليه التكليف.
ويدخل فيه كل ما تمحض فيه وجه المصلحة أو وجه المفسدة.
مثال ذلك: العلم بقبح الظلم وقبح كفر النعمة وقبح الجهل، وحسن أضدادها.
وهذا القسم غير محتاج في معرفة حسنه وقبحه إلى السمع، لأن عليه دليلًا معلومًا من جهة العقل، إذ يمكنه أن ينظر فيه فيعرف المدلول.
الثاني: ما طريق معرفته مكتسب، ويعرف بالنظر والاستدلال، وهو ما لم تتمحض فيه جهة المصلحة أو جهة المفسدة.