للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرض بشرط كون الجسم محمومًا ونحوه، ونظائر ذلك أكثر من أن تحصى، فالحسن ينشأ من ذاته أو من وصفه بشرط معين، والقبح ينشأ من ذاته أو من وصفه بشرط آخر (١).

وأما ما مثَّلوا به من حسن الكذب لعصمة دم نبي فهو تمثيل باطل لأمرين:

أولًا: أن الكذب في ذاته قبيح لم يخرج عن كونه قبيحًا، وأما الذي يحسن فالتعريض والتورية (٢).

ثانيًا: أن تخلف القبح عن الكذب لفوات شرط أو قيام مانع يقتضي مصلحة راجعة على الصدق لا يخرجه عن كونه قبيحًا لذاته - كما تقدم تقريره - كلحم الخنزير؛ فإن تحريمه ناشئ من ذاته، وتخلف هذا التحريم عند الضرورة لا يوجب عدم اقتضائها للمفسدة التي حرِّم بسببها (٣).

وأما ما مثَّلوا به من حسن القتل للحد وقبحه للاعتداء؛ فمردود بكون القتل واحدًا بالنوع، فما كان منه ظلمًا كان قبيحًا، وما كان عدلًا كان حسنًا، فلم يرجع الحسن والقبح فيه إلى واحد بالعين، ونظير هذا: السجود؛ فإنه حسن إن كان لله سبحانه، وقبيح إذا كان لغيره (٤).

وأما ما مثَّلوا به من قول القائل: لأكذبن غدًا. . .؛ فمردود باختلاف جهتي الحسن والقبح، فإن القائل إذا كذب كان كذبه قبيحًا بالنظر إلى ذاته


(١) انظر: المصدر السابق (٢/ ٣٩٣ - ٣٩٤).
(٢) انظر: المصدر السابق (٢/ ٣٩٤).
(٣) انظر: المصدر السابق (٢/ ٣٩٦).
(٤) انظر: المصدر السابق (٢/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>