للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن قيام العرض بالعرض تبعًا لقيامه بالجوهر الذي هو المحل غير ممتنع، لأن الحال حينئذ أن العرضين جميعًا قائمان بالمحل؛ أحدهما تابع للآخر، وكلاهما تابعان للمحل.

الثالث: أنه لو صح قولكم بأن العرض لا يقوم بالعرض للزم منه بطلان الحسن والقبح الشرعيين، لأنهما كذلك وصفان وجوديان زائدان على الفعل، فالقول فيهما كالقول في الحسن والقبح العقليين (١).

وأما الدليل الثالث؛ فمن أفسد الأدلة، وهو منقوض من وجوه:

الأول: أننا لا نعني بكون الفعل حسنًا أو قبيحًا لذاته أو لصفته أن ذلك يقوم بحقيقة لا ينفك عنها بحال، مثل كون الحركة حركة والسواد لونًا، وإنما نعني بذلك أنه في نفسه منشأ للمصلحة والمفسدة وترتبهما عليه كترتيب المسببات على أسبابها المقتضية لها، كترتب الري على الشرب والشبع على الأكل وترتب منافع الأغذية والأدوية ومضارها عليها، فإن ترتب آثار هذه المسببات على أسبابها تختلف باختلاف الأزمان والأحوال والأماكن والمحل القابل ووجود المعارض، فتخلف الشبع والري عن الخبز واللحم والماء في حق المريض ومن به علة تمنعه من قبول الغذاء لا تخرجه عن كونه مقتضيًا لذلك حتى يقال لو كان كذلك لذاته لم يتخلف (٢).

الثاني: أن اقتضاء الذات الواحدة لأمرين متنافيين بحسب شرطين متنافيين جائز، كاللحم يقتضي الصحة بشرط سلامة البدن، ويقتضي


(١) انظر هذه الوجوه الثلاثة في مفتاح دار السعادة (٢/ ٣٧٢ - ٣٧٣).
(٢) انظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ٣٧٥ - ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>