والقبح في الأفعال قبل ورود الشرع، فآيات القرآن دالة على المذهب الحق لا على ما ذهب إليه الأشاعرة.
وأما الأدلة العقلية:
أما الدليل الأول؛ فجوابه من وجوه:
الأول: أن هذا يتضمن التسوية بين الأفعال الاضطرارية والأفعال الاختيارية، وهذا باطل بالضرورة، وإذا كان كذلك لم يصح الاستدلال به.
الثاني: أنه لو صح الدليل المذكور لَلَزم منه أن يكون الرب تعالى غير مختار في فعله، لأن التقسيم الوارد في أفعال العبد يرد في أفعال الله، وهذا باطل.
الثالث: أنه لو كان فعل العبد ضروريًّا أو اتفاقيًّا لَلَزم بطلان الحسن والقبح الشرعيين لأن الفعل الضروري أو الاتفاقي لا يحسنه الشرع ولا يقبحه، لأنه لا يرد بالتكليف به فضلًا عن أن يجعله متعلق الحسن والقبح.
الرابع: أن هذا الدليل لو صح لَلَزم بطلان الشرائع والتكاليف جملة، لأن التكليف إنما يكون بالأفعال الاختيارية، وإذا كانت الأفعال اضطرارية غير اختيارية لم يتصور تعلق التكليف والأمر والنهي بها (١).
وأما الدليل الثاني؛ فبطلانه كذلك من وجوه:
الأول: أن قيام العرَض بالعرَض أمر واقع غير مدفوع، وهو منقوض بما لا يحصى من المعاني التي توصف بالمعاني، كما يقال علم ضروري وعلم كسبي وإرادة جازمة وحركة سريعة وحر شديد ونحو ذلك.
(١) انظر هذه الوجوه الأربعة في مفتاح دار السعادة (٢/ ٣٦٩ - ٣٧٢)، وقد أبطل ابن القيم هذا الدليل من اثني عشر وجهًا.