للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمور المعروفة حسنًا وقبحًا بالشرع تعرف بالعقل إذا عُرف اشتمالها على مصلحة أو مفسدة.

قال القاضي عبد الجبار: "فإذا عرفنا في شيء من الأشياء أنه مفسدة بالشرع عرفنا قبحه بالعقل، كما إذا عرفنا أن في شيء من الأشياء دفعًا للضرر عرفنا وجوبه عقلًا" (١).

فالشرع عندهم كاشف عن الحسن والقبح فيما أُمر به ونُهي عنه، فلم يعطِ ما كشف عن حسنه حسنًا ليس فيه، كما لم يعطِ ما كشف عن قبحه قبحًا ليس فيه.

وأما ما عرف حسنه وقبحه بالضرورة أو الاستدلال فالشرع مؤيد لما عُلم بالعقل من حسنه وقبحه.

قال القاضي عبد الجبار: "وإنما يكشف السمع من حال هذه الأفعال عما لو عرفناه بالعقل لعلمنا قبحه أو حسنه. . . ولذلك نقول: إن السمع لا يوجب قبح شيء ولا حسنه، وإنما يكشف عن حال الفعل على طريق الدلالة كالعقل" (٢).

وقال أيضًا: "واعلم أن النهي الوارد عن الله ﷿ يكشف عن قبح القبيح لا أنه يوجب قبحه، وكذلك الأمر يكشف عن حسنه لا أنه يوجبه" (٣).

بل جعلوا أمر الشارع ونهيه مقتضى الحسن والقبح، فالفعل حسن فأمر به، وقبح فنهى عنه، فالأمر والنهي كاشفان عن حسن وقبح حاصلين قبل الفعل.

وبناءً على إدراك العقل عندهم للحسن والقبح في الأفعال؛ فإنهم قالوا


(١) المحيط بالتكليف (١/ ٢٣٤).
(٢) المغني (٦/ ٦٤).
(٣) المحيط بالتكليف (١/ ٢٥٥ - ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>