للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن القبيح إنما يقبح لوقوعه على وجه، ككونه ضررًا على النفس، أو عبثًا، أو أمرًا بقبيح ونهيًا عن حسن، ونحو ذلك.

وهذا قول أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم (١).

الثاني: أن القبيح إنما يقبح لوقوعه على وجه من الوجوه المعقولة التي متى ثبتت اقتضت قبحه، وأما الحسن فإنه يحسن إذا انتفت عنه وجوه القبح، لذلك لا يصح أن تعلم الحسن حسنًا إلا مع العلم بانتفاء وجوه القبح عنه.

وهو اختيار كثير من المتأخرين، ومنهم القاضي عبد الجبار (٢).

الثالث: أن القبيح يقبح لوقوعه على وجه، وأما الحسن فيحسن للأمرين: وقوعه على وجه، وانتفاء وجوه القبح عنه.

وهو اختيار أبي هاشم في بعض المواضع (٣).

وبناءً على ما ذهبوا إليه من تحسين العقل وتقبيحه، وكونه يوجب الحسن ويحرم القبيح، وبناءً على كونهم مشبهة في الأفعال؛ فقد ذهب المعتزلة إلى أن أوجبوا على الرب سبحانه "رعاية مصالح شبهوا فيها الخالق بالمخلوق، وجعلوا له بعقولهم شريعة أوجبوا عليه فيها وحرموا وحجروا عليه" (٤).

قال القاضي عبد الجبار: "ونحن إذا وصفنا القديم تعالى بأنه عدل حكيم؛ فالمراد به أنه لا يفعل القبيح أو لا يختاره، ولا يخل بما هو واجب عليه،


(١) انظر: المغني (٦/ ٧٠)، والمحيط بالتكليف (٢/ ٢٣٩).
(٢) انظر: المغني (٦/ ٧٣).
(٣) انظر: المصدر السابق (٦/ ٧١).
(٤) شفاء العليل (٢/ ٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>