للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب النَّظَّام (١) من المعتزلة إلى إنكار خبر الواحد كذلك، بل أنكر حجية التواتر كذلك والإجماع والقياس (٢).

- التشهي في اعتماد النصوص، فما وافق هواهم أخذوا به، وما لا ردوه، فالنصوص عندهم للاعتضاد لا للاعتماد.

قال ابن أبي العز في وصف حال المعتزلة: "وعندهم أن التوحيد والعدل من الأصول العقلية التي لا يعلم صحة السمع إلا بعدها، وإذا استدلوا على ذلك بأدلة سمعية؛ إنما يذكرونها للاعتضاد بها لا للاعتماد عليها، فهم يقولون: لا نثبت هذه بالسمع، بل العلم بها متقدم على العلم بصحة النقل! فمنهم من لا يذكرها في الأصول؛ إذ لا فائدة فيها عندهم، ومنهم من يذكرها ليبين موافقة السمع للعقل ولإيناس الناس بها، لا للاعتماد عليها، والقرآن والحديث فيه عندهم بمنزلة الشهود الزائدين على النصاب، والمدد اللاحق بعسكر مستغن عنهم، وبمنزلة من يتبع هواه واتفق أن الشرع ما يهواه" (٣).

ثالثًا: كتمان النصوص، فطريقة هؤلاء القوم أنهم لا يظهرون من النصوص إلا ما يوافق أهواءهم، وما يخالفها فإنهم لا يذكرونه، بل يكتمونه،


(١) هو: أبو إسحاق، إبراهيم بن سيار مولى آل الحارث بن عباد الضبعي البصري المتكلم المعتزلي، من كتبه: "الطفرة"، و"النبوة" وأشياء كثيرة لا توجد، اتهم بالزندقة، وكفره جماعة من أهل العلم، مات سنة (٢٣١ هـ).
انظر: تاريخ بغداد (٦/ ٦٢٣)، وسير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٤١).
(٢) انظر: الفرق بين الفرق (١٤٣ - ١٤٤)، وقد قال البغدادي عقب سياقه لهذه الفضيحة من فضائحه: "فكأنه أراد إبطال أحكام فروع الشريعة لإبطاله طرقها".
(٣) شرح الطحاوية (٢/ ٧٩٣ - ٧٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>