للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه سمة عامة لأهل الأهواء، كما قال وكيع بن الجراح : "أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم" (١).

وقال شيخ الإسلام : "فلا تجد قط مبتدعًا إلا وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه ويبغضها، ويبغض إظهارها وروايتها والتحدث بها، ويبغض من يفعل ذلك، كما قال بعض السلف: ما ابتدع أحدٌ بدعة إلا نُزعت حلاوة الحديث من قلبه" (٢).

رابعًا: الطعن في نقلة الحديث لإسقاط رواياتهم، فتراهم ينقمون من أهل الحديث نقلهم لما يخالف أهواءهم، فتارة يرمونهم بقلة الفهم، وتارة بأنهم حشوية، بل وصل الأمر ببعضهم إلى السب الصريح، حتى للصحابة، كما قال يحيى: "قلت لعمرو بن عبيد: كيف حديث الحسن عن سمرة - يعني في السكتتين -؟ قال: ما تصنع بسمرة؟ قبَّح الله سمرة" (٣).

وقال الرازي: "إن أجلّ طبقات الرواة قدرًا وأعلاهم منصبًا: الصحابة ، ثم إنا نعلم أن رواياتهم لا تفيد القطع واليقين" (٤).

وأما المسلك الثاني: فهو في حقيقته تحريف، وإنما سمَّوه تأويلًا ليلبسوا به على العوام، إذ لفظ التحريف لفظ منفِّرٌ منكرٌ عند الناس، وهذا التحريف


(١) رواه الدارقطني (١/ ٢٧) ح (٣٦)، ومن طريقه: الهروي في ذم الكلام وأهله (٢/ ٢٧٠) رقم (٣٤٦).
(٢) درء التعارض (١/ ٢٢١).
(٣) رواه الدارقطني في أخبار عمرو بن عبيد (١٠٣) رقم (١٩).
(٤) أساس التقديس (٢١٦)، وقد استدل له بما حدث من خلاف بين الصحابة، وما روي من طعن بعضهم في بعض!

<<  <  ج: ص:  >  >>