للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم على صورتين (١):

- تحريف اللفظ: وهو تبديله، كنصب لفظ الجلالة من قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤] ليكون المتكلم موسى .

- تحريف المعنى، وهو صرف اللفظ عنه إلى غيره مع بقاء صورة اللفظ، كتفسير الغضب بإرادة الانتقام، وتفسير اليدين بالنعمة والقدرة.

وقد كان لهذا المنهج الذي سلكه المتكلمون أثره العظيم في باب القدر، فالمعتزلة ومن وافقهم من نفاة القدر جنحوا إلى تعظيم العقل وإضفاء صفة التشريع عليه، وقد برز هذا في باب القدر جليًّا واضحًا في مسائل كثيرة، كمسألة التحسين والتقبيح، فإنهم غلوا في منزلة العقل من كونه آلة يفهم بها النص، ويفهم بها ما أودعه الله في الأشياء من صفات تحسن وتقبح بها، إلى جعله مشرعًا للأحكام، قاضٍ بالمدح والذم والثواب والعقاب الشرعيين.

فلم يقف المعتزلة في فهمهم واعتقادهم في باب القدر على ما جاء في النصوص الشرعية، وما عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين، بل جرَوا مع أهوائهم حيث سارت ركابها.

وبنحوهم فعل الأشاعرة، فاعتاضوا في كثير من المسائل عن الأدلة الشرعية بما يقابل عقيدة المعتزلة، فجنحوا إلى سلب دور العقل وغلوا في إثبات الشرع وتعظيمه، وسلبهم للعقل كان سلبًا لكونه وسيلةً لفهم النص، وليس سلبًا لكونه بديلًا للنصوص الشرعية، بدليل أنهم لم يفزعوا إليها، وهذا ظاهر في مقالاتهم وآرائهم، ففي مسألة التحسين والتقبيح التي ذُكرت


(١) انظر: الصواعق المرسلة (١/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>