عَدُوُّ الله أبو جَهْلٍ، فَجاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقالَ لَهُ كالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كانَ مِنْ شَيءٍ؟! فَقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعَمْ"، قالَ: ما هُوَ؟ قالَ: "إِنهُ أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ"، قالَ: إلى أَيْنَ؟ قالَ: "إلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ".
قالَ: ثُمَّ أَصبَحتَ بَيْنَ ظَهْرانَيْنا؟! قالَ: "نَعَمْ".
قالَ: فَلَمْ يُرِ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ، مَخافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ إِذا دَعا قَوْمَهُ إِلَيْه، قالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ تُحَدِّثُهُم ما حَدَّثْتَنِي؟! فَقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَم".
فَقالَ: هَيّا مَعْشَرَ بني كَعْبِ بن لُؤَيٍّ!
حتى قالَ: فانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجالِسُ، وَجاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِما.
قالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِما حَدَّثْتَنِي.
فَقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّي أُسْرِيَ بِي اللَّيلَةَ".
قالُوا: إلى أَيْنَ؟ قال: "إِلَي بَيْتِ الْمَقْدِسِ".
قالُوا: ثُمَّ أَصبَحتَ بَيْنَ ظَهْرانَيْنا؟ قالَ: "نَعَمْ".
قالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَمِنْ بَيْنِ واضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ متَعَجِّبًا لِلْكَذِبِ؛ زَعَمَ!
قالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنا الْمَسْجِدَ؟ وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سافَرَ إلى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ.
فَقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَذَهبتُ أَنْعَتُ، فَما زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ، قالَ: فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنا أَنْظُرُ؛ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دارِ عِقالٍ - أَوْ عُقَيْلٍ- فَنَعَتُّهُ وَأَنا أَنْظُرُ إِلَيهِ".
قالَ: "وَكانَ مَعَ هَذا نَعْتٌ لَمْ أَحْفَظْه".