للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث، ثم مَثَلَ به بعيرُه على رأس أبي قُبيس (١)، فصرخ بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي، حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت (٢) فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دارٌ إلا دخلتها منها فِلقة قال العباس: والله إن هذه لرؤيا! وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد.

ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة -وكان له صديقًا- فذكرها له واستكتمه إياها، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، ففشا الحديث بمكة، حتى حدثت به قريش في أنديتها.

قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت، وأبو جهل ابن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل، إذا فرغْتَ من طوافك فأقبل إلينا، فلما فرغتُ أقبلت حتى جلستُ معهم، فقال لي أبو جهل: يا بني عبد المطلب متى حَدَثَتْ فيكم هذه النبية؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: تلك الرؤيا التي رأت عاتكة قال: فقلت: وما رأت؟ قال: يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى يتنبأ نساؤكم! قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يك حقًا ما تقول فسيكون وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتابًا أنكم أكذب أهل بيت في العرب.

قال العباس فوالله ما كان مني إليه كبير، إلا أني جحدتُ ذلك، وأنكرت أن تكون رأت شيئًا. قال: ثم تفرقنا، فلما أمسيتُ لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني، فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم تكن عندك غَيرة لشيء مما


(١) جبل بمكة.
(٢) ارفضَّت: أي تفتت.

<<  <   >  >>