للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبنو نوفل- وإن كانوا أبناء عمهم- فلم يوافقوهم على ذلك، بل حاربوهم ونابذوهم، ومالؤوا بطون قريش على حرب الرسول (١).

وقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدًا يقال له عميرًا من الغنيمة ولم يُسهم له (٢). يقول عُمَيْرٌ مَوْلَى آبي اللَّحْمِ (٣): شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (٤)، فَأَمَرَ بِي، فَقُلِّدْتُ سَيْفًا، فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ (٥)، فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيءٍ مِنْ خُرْثِيِّ (٦) الْمَتَاعِ (٧).

ويروي أبو هُرَيْرَةَ قصة له مع أبان بن سَعِيدِ بن الْعَاصِ فيقول - رضي الله عنه -: بَعَثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَبَانَ بن سَعِيدِ بن الْعَاصِ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانُ بن سَعِيدٍ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا، وإِنَّ حُزُمَ (٨) خَيْلِهِمْ لِيفٌ، فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِم لَنَا يَا رَسُولَ الله, فَقَالَ أبو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ لَا تَقْسِمْ لَهُمْ يَا رَسُولَ الله, فَقَالَ أَبَانُ: أنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرُ عَلَئنَا مِنْ رَأسِ ضَالٍ (٩)! فَقَالَ


(١) "مختصر تفسير ابن كثير" ٢/ ١١٢.
(٢) لم يُسْهم له: أي لم يعطه سهمًا معلومًا كبقية الجيش، وإنما أعطاه شيئًا من الغنيمة ترضية له، وهذا هو حكم العبد المملوك في الشريعة الإِسلامية أنه إذا قاتل مع المسلمين لا يسهم له كبقية الجنود، وإنما يعطى من الغنيمة ما يراه الأمير.
(٣) قال وكيع: كان لا يأكل اللحم. اهـ. فلذلك سمي آبي اللحم.
(٤) أي: في شأني وحقي بما هو مدح لي. "عون المعبود" ٥/ ١٧٠.
(٥) فإذا أنا أجُرُّه: أي أسحب السيف على الأرض من صغر سنين. "عون المعبود" ٥/ ١٧٠.
(٦) خُرثَى المتاع: أي أثاث البيت كالقدر وغيره. "عون المعبود" ٥/ ١٧٠.
(٧) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٧٣٠)، كتاب: الجهاد، باب: في المرأة والعبد يُحذيان من الغنيمة، الترمذي (١٥٥٧)، كتاب: السير، باب: هل يُسهم للعبد؟، أحمد (٢٧٩١٤)، وصححه الألباني "صحيح سنن أبي داود" (٢٤٤٠).
(٨) حُزُم: جمع حزام، وهو ما يُشَدُّ به الوسط.
(٩) فقال أبان: أنت بها، أي: أنت تقول بهذا، يا وَبْرُ. عن أبي حاتم أن العرب يُسمى كل =

<<  <   >  >>