للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ مُنْقَطِعًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ.

وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ.

وَقَدْ خَاطَرْتَ بِنَفْسِكَ مِنْ هذين الحديثين عظيما فإنهم رأيك فإنه سر مَا أَخَذْتَ بِهِ وَارْضَ بِأَسْلَافِكَ. وَقَدْ كُنْتَ فِي ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ مَرَرْنَ- وَالْمَسَاجِدُ وَالدِّيَارُ تُحَرَّقُ وَالدِّمَاءُ تُسْفَكُ وَالْأَمْوَالُ تُنْتَهَبُ- مَعَ أَبِيكَ لَا تُخَالِفُهُ فِي تَرْكِ جُمُعَةٍ وَلَا حُضُورِ صَلَاةِ مَسْجِدٍ، وَلَا تَرْغَبُ عَنْهُ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، وَأَنْتَ تَرَى أَنَّكَ بِوَجْهِ هَذَا الْحَدِيثِ: «كُنْ جَلِيسَ بَيْتِكَ» وَمِثْلِهِ مِنَ الْأَحَادِيثَ أَعْلَمُ بِهَا مِنْ أَبِيكَ وَمِمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأُعِيذُكَ باللَّه وَأُنْشِدُكَ بِهِ أَنْ تَعْتَصِمَ بِرَأْيِكَ شَاذًّا بِهِ دُونَ أَبِيكَ وَأَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ، وَأَنْ تَكُونَ لِأَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ قُوَّةً وَلِلسُّفَهَاءِ فِي تَرْكِهِمُ الْجُمُعَةَ فِتْنَةً يَحْتَجُّونَ بِكَ إِذَا عُويِرُوا عَلَى تَرْكِهَا. أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَ مُصِيبَتَكَ فِي دِينِكَ، وَلَا يُغَلِّبَ عَلْيَكَ شَقَاءً وَلَا اتِّبَاعَ هَوًى بِغَيْرِ هُدًى مِنْهُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ.

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ [١] عَنْ أَبِيهِ قال: لما كانت السنة التي تئاثرت فِيهَا الْكَوَاكِبُ خَرَجَنْا لَيْلًا إِلَى الصَّحْرَاءِ مَعَ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَصْحَابِنَا وَمَعَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ. قَالَ: فَسَلَّ سَيْفَهُ فَقَالَ: إِنَّ الله قد جد فجدوا. قال: فَجَعَلُوا يَسُبُّونَهُ وَيُؤْذُونَهُ وَيَنْسِبُونَهُ إِلَى الضَّعْفِ. قَالَ:

فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنِّي أَقُولُ أَحْسَنَ مِنْ قَوْلِكُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ- أَيْ أنه مجنون-.


[١] ابن مزيد العذري.

<<  <  ج: ص:  >  >>