للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي الْكُوفَةِ

وَأَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ [١] وَأَصْحَابِهِ وَالْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ

«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ شَوْذَبَ [٢] عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ عن سالم عن ابن عمر قال: قال رسول الله


[١] أورد الفسوي عدة روايات في ذم الامام أبي حنيفة رحمه الله، ومرد ذلك الى النزاع الّذي استفحل أمره في القرن الثاني بين مدرسة أهل الرأي التي يتزعمها الامام ابو حنيفة، ومدرسة أهل الحديث، ولا شك ان هذه الخصومة بين الطرفين نتيجة اجتهاد منهم، وقد خدم الطرفان الشريعة الإسلامية حيث حفظ المحدثون السنة الشريفة من الضياع والتلاعب، واستنبط الفقهاء منها- ومنهم أهل الرأي- احكام الشريعة، وهكذا تضافرت جهود الطرفين. وينبغي ان ننظر الى ثمرات جهودهم، ونذكرهم جميعا بخير، وندع ما كان بينهم من نزاع بسبب اختلاف اجتهادهم، وعند ما ننظر اليوم بمقياس جديد بعيد عن التأثر باجواء النزاع نجد انهم جميعا كانوا يقدمون الخير للناس، ويحرصون على الدين، وان جهودهم متضافرة في ذلك وان بدت لهم يوم ذاك متعارضة «ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات» ، وابو حنيفة شأنه شأن بقية الأئمة المجتهدين أصحاب المذاهب الفقهية كلهم اجتازوا القنطرة ولا يقدح فيهم جرح. وقد جرّت هذه الروايات التي تقدح بابي حنيفة والتي أورد الخطيب البغدادي بعضها في (تاريخ بغداد) الى مناظرات وجدال طفحت بها كتب قدامى ومحدثين من أنصار الطرفين.
ولا شك ان بعض ما نقل عن المحدثين من أقوال جارحة وعبارات قاسية واتهام بالكفر والفسق والضلال للإمام أبي حنيفة لا يقبل لان بعضه من قبيل جرح المتعاصرين، وبعضه قد يكون الباعث عليه نقل غير صحيح لآراء أبي حنيفة وأحواله أغضب بعض المحدثين فجرت على ألسنتهم ألفاظ ما كان ينبغي ان يقولوها، ولولا أمانة النشر لحذفتها، غفر الله لنا ولهم جميعا.
[٢] عبد الله بن شوذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>