للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ]

قَالَ: وَسَمِعْتُ مَشَايِخَ مِصْرَ يَقُولُونَ: كَانَ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ الْمَهْرِيُّ عِنْدَنَا مِنَ الْأَبْدَالِ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ قَالَ: كُنْتُ أَخَذْتُ مِنْهُ بَعْضَ كُتُبِهِ لِأَكْتُبَهُ وَأَسْمَعَ مِنْهُ ثُمَّ كَسِلْتُ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ: فكان يجيء الى القيسارية فيقول لِأَصْحَابِنَا: إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَخَذَ لَنَا كِتَابًا وَلَيْسَ يرده علينا وذكر عنه سلامة وعقل.

وَذَاكَرْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ فَقَالَ: كَانَ عِنْدَ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ فَضْلٌ وَاجْتِهَادٌ- فَأُحْسِنَ عَلَيْهِ الثَّنَاءُ- إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَسَاهَلُ فِي الْمَشَايِخِ فَقُلْتُ لَهُ- أَوْ قَالَ لَهُ غَيْرِي-: أنتم تفعلون (٥٣ أ) ذَلِكَ. فَقَالَ: وَلَا كُلَّ مَا يَأْتِي فَإِنِّي رَأَيْتُهُ وَقَدْ جَاءَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يحي وَقَدْ حَمَلَ فِي رِدَائِهِ فُنَادِيقَ [١]- ذُكِرَ مِنْ كَثْرَتِهِ- فَقَالَ: يَا هَذَا أَجِزْ لِي هَذَا فَإِنَّ هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ. قَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ وَمَا يُدْرِينِي مَا فِي هَذِهِ الْفُنَادِيقِ. قَالَ سَعِيدٌ: فَتَعَجَّبْتُ- يريد من ابن أبي يحي وَرَدَاءَتِهِ وَخُبْثِهِ وَاسْتِخْفَافِهِ حِينَ امْتَنَعَ عَلَى رِشْدِينَ- فَقُلْتُ: وَمَا ظَهَرَ لَكَ مِنْ رَدَاءَةِ إِبْرَاهِيمَ وَاسْتِخْفَافِهِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ- وَكَانَ لَنَا صَاحِبًا وَكَانَ مِنَ الْعِلْمِ بِمَكَانٍ- قَالَ: كلمت ابن أبي يحي فِي تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.

فَقَالَ: دَعْنِي مِنْ هَذَا فَأَنْتَ وَاللَّهِ يَا غُلَامُ أَفْضَلَ من أبي بكر وعمر.


[١] فناديق: صحف (الفيروزآبادي: القاموس المحيط ٣/ ٢٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>