للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَوَافَيْتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مَطْهَرَةِ دِمَشْقَ يَتَوَضَّأُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا طَوِيلُ لَا تَعْجَلْ. فَانْتَظَرْتُهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْتَشِيرُكَ. قُلْتُ: اذْكُرْ. قَالَ: حُرِمْتُ مِنْ صَامِتِ مَالِي وَعَقَارِي فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا دَارِي هَذِهِ وَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا أَلْفًا فَمَا تَرَى؟ قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِكَ وَأَخَافُ أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى النَّاسِ، وَفِي غَلَّتِهَا قوام لمعيشتك، وتسكن (١٣٢ أ) فِي طَائِفَةٍ مِنَهْا فَيَسْتُرُكَ وَيُغْنِيكَ عَنْ مَنَازِلِ النَّاسِ.

قَالَ: وَإِنَّ هَذَا لَرَأْيُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قال: أصابك والله المثل. قلت: وما داك؟ قَالَ: لَا يُحْظِيكَ مِنْ طَوِيلٍ أَحْمَقَ وَقِرْطُهُ فِي رَحْلِهِ. أَو َبِالْفَقْرِ تُخَوِّفُنِي!.

قَالَ ابْنُ جابر: فباعها بِمَالٍ عَظِيمٍ وَفَرَّقَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ مَعَ مَوْتِهِ، فَمَا وَجَدْنَا مِنْ ثَمَنِهَا إِلَّا قَدْرَ ثَمَنِ الْكَفَنِ.

قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: وَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَأْلَفُهُ. قَالَ: فُلَانٌ. قَالَ:

نَعَمْ أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنْكَ تَمْلِكُ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ.

قَالَ: نَعَمْ وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا. قَالَ: حُمْقٌ لَا عَقْلٌ وَلَا مَالٌ.

«حدثني سعيد بن أسد قال حدثنا ضمرة عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ يَزِيدَ الْجُزَامِيِّ قَالَ قَالَ لِي رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ: يَا أَبَا عمرو هاهنا قبر أخيك عبادة ابن الصَّامِتِ إِلَى جَانِبِ الْحَائِطِ الشَّرْقِيِّ.

قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: وَشَهِدْتُ جَنَازَةً بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ رَجَاءِ بن حيوة فقال: يا أبا عمرو هاهنا قبر أخيك عبادة بن الصامت» [١] .


[١] ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق ٥/ ق ٢٥١ ب ووقع فيه «حيويه» بدل «حيوة» الاولى وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>