للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قُلْتُ قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ [١] عَلَى فَرَسٍ لَهُ. فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يا رسول الله. فقال:

لا تحزن (١٩٤ ب) إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [٢] . فَلَمَّا أَنْ دَنَا مِنَّا وَكَانَ بَيْنَنَا قَيْدُ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ. فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وبكيت. قال:

ما يبكيك؟ فقلت: أم وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَبْكِي عَلَيْكَ.

قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهمّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ. قَالَ: فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا فَوَثَبَ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ:

يا محمد قد علمت أن هذا عملك، فَادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُنْجِيَنِي مِمَّا أنا فيه فو الله لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا نَنْزِلُ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَكَانَ النَّاسُ في الطرق وعلى البيوت، والغلمان والخدم


[١] هو سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي (تهذيب التهذيب ٣/ ٤٥٦) .
[٢] أخرجه البخاري الى هنا بهذا الاسناد (صحيح البخاري بحاشية السندي ٢/ ٢٨٨) ومسلم من طريق أبي إسحاق السبيعي أيضا (الصحيح ٤/ ٢٣٠٩) وذكر مسلم بقية الحديث الى آخره، وكلاهما بألفاظ مقاربة لما أورده يعقوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>