كان سلمان من أهل رامهرمز، فجاء راهب الى جبالها يتعبد فكان يأتيه ابن دهقان القرية. قال: ففطنت له فقلت له: اذهب بي معك.
فقال: لا حتى أستأمره. فاستأمره فقال: جيء به معك. فكنا نختلف اليه حتى فطن لذلك أهل القرية فقالوا: يا راهب انك قد جاورتنا فأحسنا جوارك، وانا نراك تريد أن تفسد علينا غلماننا فأخرج عن أرضنا. قال:
فخرج وخرجت معه، فجعل لا يزداد ارتفاعا في الأرض الا ازداد معرفة وكرامة حتى أتى الموصل، فأتى جبلا من جبالها فإذا رهبان سبعة كل رجل في غار يتعبد فيه يصوم ستة أيام ولياليهن حتى إذا كان يوم السابع اجتمعوا فأكلوا وتحدثوا. فقلت لصاحبي: اتركني عند هؤلاء الناس فأبى علي الا أن ننطلق، فقلت: فاني أخرج معك. قال: فانطلقت معه فلما انتهينا الى باب بيت المقدس فإذا على باب المسجد رجل مقعد. قال: يا عبد الله تصدق عليّ، فلم يكن معه شيء يعطيه إياه، فدخل المسجد فصلى ثلاثة أيام ولياليهن ثم انه انصرف فخط خطا وقال: إذا رأيت الظل بلغ هذا الخط فأيقظني فنام. قال: فرثيت له من طول ما سهر فلم أوقظه حتى جاوز الخط، فاستيقظ فقال: ألم أقل لك! قلت: اني رثيت لك من طول ما سهرت. قال: ويحك اني أستحي من الله ان تمضي ساعة من ليل أو نهار لا أذكره فيها، ثم خرج. فقال المقعد: أنت رجل صالح دخلت وخرجت ولم تصدّق علي. فنظر يمينا وشمالا فلم ير أحدا قال: أرني يدك قم باذن الله، فقام ليس به علة، فشغلني النظر اليه ومضى صاحبي في السكك، فالتفت فلم أره فانطلقت أطلبه. قال: ومرّت رفقة من العراق فاحتملوني فجاءوا بي الى المدينة، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال ذكرت قولهم انه لا يأكل الصدقة ويقبل الهدية. فجئت بطعام اليه فقال: ما هذا؟ قلت: صدقة. فقال لأصحابه: كلوا ولم يذقه. ثم اني