ذُنُوبَهُمْ، وَلَا يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ قَالُوا إِنَّ رَبَّنَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلَا يَغْفِرُ الشرك، فتعالوا نقول انما كنا أهل ذنوب ولم تكن مُشْرِكِينَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا كَتَمْتُمُ الشِّرْكَ فَاخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [١] . فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَفَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا فَعِنْدَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ٤: ٤٢ وَأَمَّا قَوْلُهُ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ٧٩: ٢٧- ٣٠ فَإِنَّهُ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ قَبْلَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ فَدَحَاهَا، وَدَحْيُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَشَقَّ فِيهَا الْأَنْهَارَ وَجَعَلَ السُّبُلَ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالرِّمَالَ وَالْأَكْوَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ٧٩: ٣٠ وقوله أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ ٤١: ٩- ١٠ فَجَعَلَ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أربعة أيام، وجعلت السموات فِي يَوْمَيْنِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ٤: ٩٦ وَكانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً ٤: ١٥٨ وَكانَ الله سَمِيعاً بَصِيراً ٤: ١٣٤ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَلِكَ، سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ غَيْرُهُ، فَذَلِكَ قوله وَكانَ الله ٤: ١٧ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلرَّجُلِ: احْفَظْ عَنِّي مَا حَدَّثْتُكَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ أَشْبَاهُ مَا حَدَّثْتُكَ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ الَّذِي أَرَادَ بِهِ، وَلَكِنَّ النَّاسَ لَا يَعْلَمُونَ فَلَا يَخْتَلِفَنَّ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ، فأن
[١] يريد قوله تعالى (سورة يس آية ٦٥) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ٣٦: ٦٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute