للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَوِيلًا لَا أَسْمَعُ لَهُ حِسًّا فَقُلْتُ لِوَصِيفٍ لَهُ كَانَ يَخْدُمُهُ: وَيْحَكَ ادْخُلْ فَانْظُرْ. فَلَمَّا دَخَلَ صَاحَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ مَيِّتًا قَدْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى فِيهِ وَالْأُخْرَى عَلَى عَيْنَيْهِ [١] .

«حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي فَكَّرْتُ فِي أَمْرِي وَأَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا خَيْرًا مِنَ الْمَوْتِ- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:

يَعْنِي لِفَسَادِ النَّاسِ وَمَا دَخَلَهُمْ- فَقَالَ لِقَاصِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: ادْعُ لِي بِالْمَوْتِ فَأَبَيْتُ وَأَبَى عَلَيَّ. قَالَ: فَدَعَوْتُ لَهُ وَعُمَرُ رَافِعٌ يديه يؤمن على دعائي وهو يبكي. قَالَ: وَحَضَرَ ابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ فَلَمَّا رَأَى عُمَرَ يَبْكِي بَكَى، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: وَهَذَا مَعَنَا. قَالَ: فَدَعَوْتُ بِذَلِكَ أَيْضًا. يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ: وَاسْتَحَيْتُ فَدَعَوْتُ لِنَفْسِي أَيْضًا مَعَهُمْ. قَالَ: فَعَرَفَ اللَّهُ الصِّدْقَ مِنْ عُمَرَ، فَلَمْ يَلْبَثْ قَلِيلًا حَتَّى مَاتَ، ومات ابنه ذلك، وَبَقِيَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ حَتَّى كَانَ بَعْدُ» [٢] .

«حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَخْبَرَنِي أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: اقْتَتَلَ غِلْمَانٌ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغِلْمَانٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فضرب [٣] غلمان سليمان فحمّل سليمان وقيل: هذا ما صنعت سيرته وفعلت به، فدخل عليه عمر فقال له سُلَيْمَانُ: مَا هَذَا ضَرَبَ غِلْمَانُكَ غِلْمَانِي.

فَقَالَ عُمَرُ: مَا عَلِمْتُ هَذَا قَبْلَ مَقَالَتِكَ الْآنَ. فَقَالَ لَهُ: كَذَبْتَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تَقُولُ لِي كَذَبْتَ! مَا كَذَبْتُ مُنْذُ شَدَدْتُ عَلَيَّ إِزَارِي، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ عَنْ مَجْلِسِكَ هَذَا لَسَعَةً. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمْ يَأْتِهِ وَتَجَهَّزَ يُرِيدُ الْخُرُوجَ يُرِيدُ مِصْرَ، فَسَأَلَ عَنْهُ سليمان [حين استبطأه، فقالوا:


[١] ابن الجوزي: سيرة عمر ص ٣٦- ٣٧.
[٢] ابن الجوزي: سيرة عمر ص ١٩٣.
[٣] اختار محقق سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي اضافة [غلمان عمر] قبل [غلمان سليمان] .

<<  <  ج: ص:  >  >>