للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ رَبِّ بْنُ هِلَالِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ قَالَ: أَنْبَأَنِي مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: اني لعند عمر بن عبد العزيز إذ فُتِحَ لَهُ مَنْطِقٌ حَسَنٌ حَتَّى رَقَّ لَهُ أَصْحَابُهُ. قَالَ: فَفَطِنَ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَهُوَ يَجْرُفُ دَمْعَتَهُ. قَالَ: فَقَطَعَ مَنْطِقَهُ. قَالَ مَيْمُونٌ: فَقُلْتُ امْضِ فِي مَنْطِقِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَمُنَّ اللَّهُ بِكَ عَلَى مَنْ سمعه وانتهى اليه. فقال بيده: إليك عني فَإِنَّ فِي الْقَوْلِ فِتْنَةً وَالْفِعْلُ أَوْلَى بِالْمَرْءِ مِنَ الْقَوْلِ [١] .

«حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو زَيْدٍ قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَاءَهُ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ الْبَحْرَيْنِ، فَجَاءَهُ الَّذِي كَانَ يَقُومُ عَلَى طَعَامِ أَهْلِهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِنَفَقَةٍ. قَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: مِنْ مَالِكَ الَّذِي بِالْبَحْرَيْنِ جَاءَتْكَ ثَلَاثُونَ أَلْفًا. قَالَ: فَاسْتَرْجَعَ عُمَرُ وَقَالَ: ادْعُ لِي مُزَاحِمًا، فَلَمَّا جَاءَهُ مُزَاحِمٌ قَالَ: أَيْ مُزَاحِمُ مَا زِدْتَ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي جَاءَنَا مِنَ الْبَحْرَيْنِ فِي مَالِ اللَّهِ فِيمَا أَحْسَبُ- شَكَّ ابْنُ بُكَيْرٍ- قَالَ مُزَاحِمٌ: سُقِطَ عَلَيَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَارْدُدْهُ وَصِلْ بِهَذَا الْمَالِ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ قَيِّمُ ذَلِكَ الْمَالِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ الرِّقِّ أَعْتَقَكَ اللَّهُ مِنَ النَّارِ. قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّمَا أَنْتَ وَذَاكَ الْمَالُ من مال الله فلا سَبِيلَ إِلَى عِتْقِكَ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جرّة زنجبيل مربت كُنْتُ أُهْدِيهَا لَكَ كُلَّ عَامٍ وَقَدْ جِئْتُ بِهَا. قَالَ: ائْتِ بِهَا. فَأَخْرَجَ مِنْهَا عُودًا فَوَضَعَهُ عَلَى شَفَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ: مَهْ إِذَا شَكَكْتَ فِي الشَّيْءِ فَدَعْهُ. لَا حَاجَةَ لِي بجرتك» [٢] .


[١] أوردها ابن كثير بألفاظ مقاربة (البداية والنهاية ٩/ ٢١٦) وابن الجوزي: سيرة عمر ص ٢١٥.
[٢] ابن الجوزي: سيرة عمر ص ١٦٥- ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>