للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: سَمَرْنَا لَيْلَةً مَعَ عُمَرَ فَتَنَاوَلَ قلنسوة عن رأسه بيضاء مضربة. فقال: كم تَرَوْنَهَا تَسْوَى؟ قُلْنَا: دِرْهَمٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَظُنُّهَا مِنْ حَلَالٍ.

«حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ:

قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: حَدَّثَنِي. قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثًا بَكَى مِنْهُ بُكَاءً شَدِيدًا. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَبْكِي هَذَا الْبُكَاءَ لَحَدَّثْتُكَ حَدِيثًا أَلْيَنَ مِنْ هَذَا. قَالَ: يَا مَيْمُونُ إِنَّا نَأْكُلُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الْعَدْسَ وَهِيَ مَا علمت مرقة للقلب مغزرة للدمع مُذِلَّةٌ لِلْجَسَدِ» [١] .

«وَعَنْ جَدِّي عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ، فَإِذَا عَلَيْهِ قميص وسخ، فقلت لِامْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ [٢] : اغْسِلُوا قَمِيصَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَتْ: نفعل ذلك ان شاء للَّه، ثُمَّ عُدْتُ فَإِذَا الْقَمِيصُ عَلَيْهِ عَلَى حَالَتِهِ. فَقُلْتُ: يَا فَاطِمَةُ أَلَمْ آمُرُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا قَمِيصَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لَهُ قَمِيصٌ غَيْرُهُ» [٣] .

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا بِأَبْيَاتِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَسَمِعْنَا بُكَاءً فِي دَارِهِ فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقَالُوا: خَيَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ امْرَأَتَهُ أَنْ تُقِيمَ فِي مَنْزِلِهَا عَلَى حَالِهَا وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ قَدْ شُغِلَ بِمَا فِي عُنُقِهِ عَنِ النِّسَاءِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْحَقَ بِمَنْزِلِ أبيها. فبكت وبكى جواريها لبكائها.


[١] الذهبي: تاريخ الإسلام ٤/ ١٧٤ لكنه يذكر «للدمعة» بدل «للدمع» . وابن الجوزي: سيرة عمر ص ١٨٦ ولم يذكر مصدره.
[٢] فاطمة بنت عبد الملك بن مروان.
[٣] الذهبي تاريخ الإسلام ٤/ ١٧٢ لكنه «أعوده في مرضه» «ان شاء الله» و «أَلَمْ آمُرُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا قَمِيصَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ» . وانظر نحو هذه الرواية في ابن سعد ٥/ ٢٩٧ وابن عبد الحكم: سيرة عمر بن عبد العزيز ص ٥٠. وابن الجوزي: سيرة عمر ص ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>