للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ خَرَجُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ. فَقَالُوا إِلَى أَيْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِلَى أَبِي حَازِمٍ نَذْهَبُ بِهِ مَعَنَا. قَالَ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو حَازِمٍ: اللَّهمّ حَقِّقْ وَعَجِّلْ. حَدَّثَنَا زَيْدٌ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ أَنَّ أَبَا حَازِمٍ حَدَّثَهُ قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي مَجْلِسِ أَبِيكَ لَأَرْبَعِينَ حَبْرًا فَقِيهًا مَا مِنْهُمْ إِلَّا مَعْدُودٌ، وَاللَّهِ إِنَّ أَدْنَى خَصْلَةً فِينَا التَّوَاسِي بِمَا فِي أَيْدِينَا لَئِنْ أَفَادَ الرَّجُلُ فَائِدَةً لَيْلًا لَيَغْدُوَنَّ بِهَا، وَلَئِنْ أَفَادَهَا بِكْرًا لَيُرَوِّحَنَّ بِهَا.

حَدَّثَنَا سعَيِدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ: يَسِيرُ الدُّنْيَا يَشْغَلُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْآخِرَةِ. وَقَالَ: إِنَّكَ لَتَجِدُ الرَّجُلَ يَهْتَمُّ بِهَمِّ غَيْرِهِ حَتَّى أَنَّهُ أَشَدُّ هَمًّا مِنْ صَاحِبِ الْهَمِّ بِهَمِّ نَفْسِهُ.

وَقَالَ: مَا أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فِي الْآخِرَةِ فَقَدِّمْهُ الْيَوْمَ، وَمَا كَرِهْتَ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فِي الْآخِرَةِ فَاتْرُكْهُ الْيَوْمَ. وَقَالَ: كُلُّ عَمَلٍ تَكْرَهُ الْمَوْتَ من أجله فاتركه ثم لا يضرك متى مِتَّ [١] ، وَذَلِكَ أَنَّكَ لَتَجِدُ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِالْمَعَاصِي، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنْ تَمُوتَ؟ قَالَ يَقُولُ: وَكَيْفَ وَعِنْدِي مَا عِنْدِي؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَفَلَا تَتْرُكُ مَا تَعْمَلُ مِنَ الْمَعَاصِي؟ فَيَقُولُ: مَا أُرِيدُ تَرْكَهُ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَتَّى أَتْرُكَهُ [٢] . وَقَالَ: شَيْئَانِ إِذَا عَمِلْتَ بِهِمَا أَصَبْتَ بِهِمَا خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَا أُطَوِّلُ عَلَيْكَ. قِيلَ وَمَا هُمَا يَا أَبَا حَازِمٍ؟ قَالَ: تَعْمَلُ مَا تَكْرَهُ إِذَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وتترك ما تحب إذا كرهه الله [٣] .


[١] أوردها الذهبي: سير أعلام النبلاء ٥/ ق ١٧٦ و ٢.
[٢] أوردها الذهبي: سير أعلام النبلاء ٥/ ق ١٧٧ و ١.
[٣] أوردها الذهبي: سير أعلام النبلاء ق/ ق ١٧٦ و ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>