أَفَخَرْتُمْ أَنْ قَتَلْتُمْ أَعْبُدًا ... أَوْ هَزَمْتُمْ مَرَّةً آلَ رِغَلْ
ثُمَّ قُدْنَاكُمْ إِلَيْهِمْ عَنْوَةً ... وَجَمَعْنَا أَمْرَكُمْ بَعْدَ الْفَشَلْ
فَإِذَا فَاخَرْتُمُونَا فَاذْكُرُوا ... مَا فَعَلْنَا بِكُمُ يَوْمَ الْجَمَلْ
بَيْنَ شَيْخٍ خَاضِبٍ عُثْنُونَهُ ... أَوْ فَتًى وَضَّاحٍ رَفَلْ
جَاءَنَا يَهْدِرُ فِي سَابِغِهِ ... فَذَبَحْنَاهُ كَمَا ذَبْحِ الْحَمَلْ
وَعَفَوْنَا فَنَسِيتُمْ عَفْوَنَا ... وَكَفَرْتُمْ نِعْمَةَ اللَّهِ الْأَجَلْ
وَقَالَ الأحنف: يا جارية هات تِلْكَ الصَّحِيفَةَ الصَّفْرَاءَ.
حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أبي حدثنا مُجَالِدٌ عَنْ عَامِرٍ [١] قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ فَأُفَاخِرُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ، فَبَلَغَ مِنْهُ كَلَامِي ذَاتَ يَوْمٍ وَأَنَا لَا أَدْرِي، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ هَاتِ ذَلِكَ الْكِتَابَ.
فجاءت به، فقال: اقرأوا- وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ مَا فِيهِ-، قَالَ:
فَقَرَأَتْهُ فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَى الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَمَنْ قِبَلِهِ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ أَسِلْمٌ أَنْتُمْ؟ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: فَوَيْلٌ لِأُمِّ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، وَإِنَّ الْأَحْنَفَ مُورِدُ قَوْمِهِ سَقَرَ حَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ بِهِمُ الْصَدْرَ، وَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مَا خُطَّ فِي الْقَدَرِ، وَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونِي وَتُؤْذُونَ رُسُلِي، وَقَدْ كُذِّبَتِ الْأَنْبِيَاءُ وَأُوذُوا مِنْ قَبْلِي وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَالسَّلَامُ.
فَلَمَّا قَرَأَتْهُ، قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ؟ قُلْتُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَا بَحْرٍ إِنَّمَا كُنَّا نَمْزَحُ وَنَضْحَكُ. قَالَ:
لَتُخْبِرَنِّي مِمَّنْ هُوَ قُلْتَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لك. قال: لتخبرني. قلت: من أهل (٨ ب) الكوفة.
[١] الشعبي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute