مَتَى تَكُنِ امْرَأَةٌ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ وَلَدٌ، وَمَتَى يَكُونُ وَلَدٌ تُشَعِّبُ الدُّنْيَا قَلْبِي، فَأَحْبَبْتُ التَّخَلِّيَ مِنْ ذَلِكَ. فَأَجْلَاهُ عَلَى قَتَبٍ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَنْزَلَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَهُ الْخَضْرَاءَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ جَارِيَةً فَأَمَرَهَا أَنْ تُعْلِمَهُ مَا حَالَهُ، فَكَانَ يَخْرُجُ فِي السَّحَرِ فَلَا تَرَاهُ إِلَّا بَعْدَ الْعَتَمَةِ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ [بِطَعَامِهِ] فَلَا يَعْرِضُ لِشَيْءٍ مِنْهُ وَيَجِيءُ مَعَهُ بِكِسَرٍ فَيَجْعَلُهَا فِي مَاءٍ، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنْهَا وَيَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَقُومُ فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ مَقَامُهُ حَتَّى يَسْمَعَ النِّدَاءَ، فَيَخْرُجُ فَلَا تَرَاهُ إِلَى مِثْلِهَا. فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ يَذْكُرُ لَهُ حَالَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنِ اجْعَلْهُ أَوَّلَ داخل وآخر خارج، ومر لَهُ بِعَشْرَةٍ مِنَ الرَّقِيقِ وَعَشْرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ. فَلَمَّا أُتِيَ مُعَاوِيَةُ بِالْكِتَابِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِليَّ آمُرُ لَكَ بِعَشْرَةٍ مِنَ الرَّقِيقِ. فَقَالَ: إِنَّ عَلَيَّ شَيْطَانًا فَقَدْ غَلَبَنِي فَكَيْفَ أَجْمَعُ عَلَيَّ عَشْرَةً! قَالَ: وَأَمَرَ لَكَ بِعَشْرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ. قَالَ: إِنَّ مَعِي لَبَغْلَةً وَاحِدَةً وَإِنِّي لَمُشْفِقٌ أَنْ يَسْأَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَضْلَ ظَهْرِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
[قَالَ] : وَأَمَرَنِي أَنْ أَجْعَلَكَ أَوَّلَ دَاخِلٍ وَآخِرَ خَارِجٍ قَالَ: لَا أَرَبَ لِي فِي ذَلِكَ.
قَالَ: فَحَدَّثَنَا بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ عَمَّنْ رَأَى عَامِرًا بِأَرْضِ الرُّومِ عَلَى بَغْلَتِهِ تِلْكَ يَرْكَبُهَا عُقْبَةُ وَيَحْمِلُ الْمُهَاجِرِينَ عُقْبَةُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَفَلَ غَازِيًا يَتَوَسَّمُ الرِّفَاقَ فَإِذَا رَأَى رِفْقَةً تُوَافِقُهُ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَصْحَبَكُمْ عَلَى أَنْ تُعْطُونِي مِنْ أَنْفُسِكُمْ ثَلَاثَ خِلَالٍ. فَيَقُولُونَ: ما هن؟ قال: أكون لكم خادما (٢٠ أ) لَا يُنَازِعُنِي أَحَدٌ مِنْكُمُ الْخِدْمَةَ، وَأَكُونُ مُؤَذِّنًا لَا يُنَازِعُنِي أَحَدٌ مِنْكُمُ الْأَذَانَ، وَأُنْفِقُ عَلَيْكُمْ بِقَدْرِ طَاقَتِي. فَإِذَا قَالُوا نَعَمَ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ نَازَعَهُ أَحَدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute