للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صدفها وحسناء في خدرها وكنزا مخبوءا لا يصل الى الى جواهر مكنوناته الا الحفاظ الاثبات من رجال الحديث، ولما كنت منذ الطفولة ولوعا بكتب السنة الى نهاية الطلب ويسر الله لي في تلك الفترة قراءة الكتب الستة وغيرها من الكتب المعتبرة عند المحدثين استاقت نفسي الى قراءة المسند وذلك في سنة أربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية وهي نهاية الحلقة الرابعة من عمري فوجدته بحرا خضما يزخر بالعلم ويموج بالفوائد بيد أنه لا فرضة (١) له ولا سبيل الى اصطياد فرائده (٢) واقتناص شوارده فخاطر بالخاطر الخاطر وناجتني نفسي ان ارتب هذا الكتاب، وأعقل شوارد أحاديثه بالكتب والأبواب، وأقيد كل حديث منه بما يليق به من باب وكتاب، وأقرنه بقرينه وأنيسه، وأجلس كل جليس مع جليسه، فاستصغرت نفسي هنالك، واستعجزتها عن ذلك، ولم يزل الباعث يقوى والهمة تنازعني والرغبة تتوفر وأنا اعللها بما في ذلك من التعرض للملام، والانتصاب للقدح، والأمن من ذلك جميعه مع الترك، ويأبى الله إلا أن


لا تفيد شيئا فكأن المسند لم تمد اليه يد كما أشرت الى ذلك، < هذا > وقد بحثت كثيرا في اثناء ترتيبي للكتاب نسخة من المسند مخطوطة فلم أجد الا نسخة واحدة بدار الكتب فحاولت استعارة جزء منها لأراجع عليه النسخة المطبوعة فلم يسمح لي بذلك لأن دار الكتب لا تعير الكتب المخطوطة فكنت ألاقي صعوبات ومشقات شديدات لا يعلمها الا الله تعالى في مراجعة الأصول الأخرى كصحيح البخاري ومسلم والسنن الأربع والموطء والمستدرك والدارقطني والبيهقي وجمع الفوائد ومجمع الزوائد وتيسير الوصول وغير ذلك كثيرا حتى أطمئن، وذلك عندما أجد تحريفا أو تصحيفا أو نحو ذلك في النسخة المطبوعة رغم على العناية بتصحيحها ومقابلتها على نسخ مخطوطة في أثناء طبعها، وقد بذلت في هذا السبيل كل مجهود نفسي ومالي واستحضرت ما قدرت عليه من المواد المطبوعة من الهند وروسيا وغيرهما وليست في مصر ولا يكلف الله نفسا الا وسعها.
(١) الفرضة: من البحر محط السفن {أي الميناء}.
(٢) فرائده أي جواهره النفيسة كاللؤلؤ والمرجان ونحوهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>