يتم نوره فتحققت بمعونة الله تعالى العزيمة وصدقت النية وخلصت بتوفيقه الطوية في العمل {وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب} فاخترت له وضعا يزيد بيانه حسبما أدى حسبما أدى اجتهادي وانتهى اليه عرفاني هذا بعد أن أخذت فيه رأي أولى المعارف والنهى. وأرباب الفضل والحجى، وذوي البصائر الثاقبة والآراء الصائبة واشترت من لا اتهمه (١) دينا وأمانة وصدقا ونصيحة وعرضت عليه الوضع الذي عرض لي واستأنست به في هذا الصنع الذي رسخ عندي فكل أشار بما قوى العزيمة. وحقق اخراج ما في النية الى الفعل في هذه الدرة اليتيمة، فاستخرت الله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه ويتقبله ويعين علي نجزه بصدق النية فيه، ويسهله وهو المجازى على مودعات السرائر، وخفيات الضمائر، هذا مع كثرة العوائق الدنيوية، وازدحام العوارض الضرورية، وضيق الوقت عن فراغ البال، لمثل هذا المهم والغرض الشريف النادر والمثال، ولولا أن الباعث ديني، والغرض منه أخروي لكنت على الالمام به واهية، والهمة عن التعرض اليه قاصرة والعزيمة عن الشروع فيه فاترة، ولكن كان المحرك قويا، والجاذب شريفا عليا، وأنا أسأل كل من وقف عليه ورأى فيه خللا أو لمح فيه زللا أن يصلحه حائزا به جزيل الأجر وجميل الشكر، فان المهذب قليل والكامل عزيز عديم، وأنا معترف بالقصور والتقصير، مقر بالتخلف عن هذا المقام الكبير، على أن هذا الكتاب في نفسه بحر زاخر تتلاطم أمواجه وبر وعرة فجاجه، لا يكاد الخاطر يجمع أشتاته، ولا يقوم الذكر بحفظ أفراده، فانها كثير العدد، متشعبة الطرق مختلفة الروايات، وقد بذلت في جمعها وترتيبها الوسع واستعنت بتوفيق الله تعالى ومعونته في تأليفه وتهذيبه وتنقيحه وترتيبه وسميته {الفتح الرباني في ترتيب مسند الامام أحمد بن
(١) أشير بذلك إلى أخي في الله وصديقي وشيخي الأول العالم العامل الصالح الورع فضيلة الأستاذ محمد زهران، أسكننى الله واياه فسيح الجنان.