وقال الحسن البصرى يعيد الجميع إلا الصبح والعصر (وقال أبو حنيفة) يصلى الظهر والعشاء فقط، وقال النخعى يعيدها كلها إلا الصبح والمغرب، وهذه المذاهب ضعيفة لمخالفتها الأحاديث، ودليلنا عموم الأحاديث الصحيحة اهـ ج (وقال ابن عبد البر) قال جمهور الفقهاء إنما يعيد الصلاة مع الأمام فى جماعة من صلى وحده فى بيته أو فى غير بيته، وأما من صلى فى جماعة وإن قلّت فلا يعيد فى أخرى قلّت أو كثرت، ولو أعاد فى جماعة أخرى لأعاد فى ثالثة ورابعة الى مالا نهاية له وهذا لا يخفى فساده اهـ (قلت) وهو وجيه (وفى أحاديث الباب أيضا) التصريح بأن الصلاة الثانية تكون نافلة والأولى هى الفريضة وظاهرها سواء أصليت فى جماعة أم فرادى، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل من الرجلين عن ذلك وترك الاستفصال فى مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم فى المقال (وذهب الى ذلك) من الصحابة على رضي الله عنه وبه قال الثورى وأبو إسحاق (وأبو حنيفة والشافعى فى الجديد والحنابلة) وخالفهم آخرون فقالوا الثانية هى الفريضة والأولى نافلة (وذهب قوم) الى أن كلا منهما فريضة، واحتجوا بأحاديث لا تخلوا من مقال ولا تقوى على مناهضة أحاديث الباب، فمذهب الأولين أقوى دليلا وأهدى سبيلا (وذهبت المالكية) الى أنه يفوض الى الله تعالى فى أيتهما شاء فرضه، لما روى مالك فى الموطأ عن نافع "أن رجلا سأل عبد الله ابن عمر فقال إنى أصلى فى بيتى ثم أدرك الصلاة مع الأمام أفأصلى معه؟ فقال له عبد الله ابن عمر نعم، فقال الرجل أيتهما أجعل صلاتى؟ فقال له ابن عمر أو ذلك اليك؟ إنما ذلك الى الله تعالى يجعل أيتهما شاء" وفى الموطأ أيضا عن سعيد بن المسيب مثل ذلك؛ فان كان هذا مذهب ابن عمر رضي الله عنهما فلا يكون حجة فى مقابلة النص، والحق ما ذهب اليه الأولون (وفيها أيضا) دليل على مشروعية الدخول مع الجماعة بنية التطوع لمن كان قد صلى تلك الصلاة وإن كان الوقت وقت كراهة للتصريح بأن ذلك كان فى صلاة الصبح، والى ذلك ذهبت الشافعية فيكون هذا مخصصا لعموم الأحاديث القاضية بكراهة الصلاة بعد صلاة الصبح، ومن جوز التخصيص بالقياس ألحق به ماسواه من أوقات الكراهة، وظاهر التقييد بقوله صلى الله عليه وسلم "ثم أتيتما مسجد جماعة" أن ذلك مختص بالجماعات التى تقام فى المساجد لا التى تقام فى غيرها فيحمل المطلق من ألفاظ أحاديث الباب على المقيد منه بمسجد الجماعة (وفيها أيضا) دليل على مشروعية الصلاة مع أئمة الجور حرصا على فضيلة الجماعة وحذرًا من وقوع فتنة وتفرق كلمة المسلمين بسبب التخلف، وقد أطلنا الكلام على ذلك فى أحكام الباب الأول من أبواب الأمامة وصفة الائمة من كتاب الصلاة فارجع اليه إن شئت