للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتمنَّ أحدكم الموت من ضُرِّ أصابه، فإن كان لابُدّ فاعلًا فليقل اللَّهمّ أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّني ما كانت الوفاة خيرًا لي

(١٩) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم لا يتمنَّ أحدكم الموت ولا يدعُ به من قبل أن يأتيه إنَّه إذا مات أحدكم انقطع


شعبة قال سمعت ثابتا البنانى قال سمعت أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (١) لفظ البخارى ومسلم لا يتمنين بنون التوكيد، كما فى رواية أخرى عند الامام أحمد أيضا والخطاب للصحابة، والمراد هم ومن بعدهم من المسلمين عموما "وقوله من ضر أصابه" حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوى، فان وجد الضر الأخروى بأن خشى فتنة فى دينه لم يدخل فى النهى، ويمكن أن يؤخذ ذلك من رواية ابن حبان "لا يتمنينَّ أحدكم الموت لضر نزل به فى الدنيا" على أن لفظ (فى) فى هذا الحديث سببىٌّ أى بسبب أمر من الدنيا، وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة، ففى الموطأ عن عمر "اللهم كبرت سنى وضعفت قوتى وانتشرت رعيتى فاقبضنى اليك غير مضيّع ولا مفرّط" ومما جاء صريحا فى ذلك حديث معاذ عند أبى داود، وصححه الحاكم فى القول فى دبر كل صلاة وفيه "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفنى اليك غير مفتون" (٢) فى رواية أخرى "فان كان ولابد متمنيا فليقل الخ" وفيه ما يصرف الأمر عن حقيقته من الوجوب أو الاستحباب ويدل على أنه لمطلق الأذن، لأن الأمر بعد الحظر لا يبقى على حقيقته، وقريب من هذا السياق ما أخرجه أصحاب السنن وغيرهم من حديث المقدام بن معد بكرب "حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فان كان ولابد فثلث للطعام الحديث" أى إذا كان لابد من الزيادة على اللقيمات فيقتصر على الثلث فهو أذن بالاقتصار على الثلث لا أمر يقتضى الوجوب ولا الاستحباب (٣) الظاهر أن هذا التفصيل يشمل ما إذا كان الضر دينيا أم دنيويا، وهو يدل على أن النهى عن تمنى الموت مقيد بما إذا لم يكن على هذه الصيغة، لأن فى التمنى المطلق نوع اعتراض ومراغمة للقدر المحتوم، وفى هذه الصورة المأمور بها نوع تفويض وتسليم للقضاء، والله سبحانه وتعالى أعلم (تخريجه) (ق. د. نس. مذ. هق)
(١٩) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ابن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة قال قال رسول صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (٤) قال الحافظ هو قيد فى الصورتين ومفهومه أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>