للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعفى أثره وكلما هم البخيل بصدقة انقبضت عليه كل خلقة منها إلى صاحبتها وتقلصت عليه قال فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيجهد أن يوسعها فلا تتسع.

(٥) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا


ويقال الترائق أيضا على القلب، وقال ثابت في خلق الإنسان الترقوتان هما العظمان المشرقان في أعلى الصدر من رأس المنكبين إلى طرف ثغره النحر، وهي اللهزمة التي بينهما، نقله العيني (١) تعفى بتشديد الفاء للمبالغة أي تعفو، قال السندري والمعنى أنها تمحو أثر مشيه بسبوغها وكمالها كثوب يجر على الأرض يمحو أثر صاحبه إذا ممشى بمرور الذيل عليه، وفيه إشارة إلى كمال الاتساع والإسباغ، والمراد أن الجواد إذا هم بالنفقة اتسع كذلك بتوفيق الله تعالى صدره وطاوعته يداه فامتدتا بالعطاء والبذل، والبخيل يضيق صدره وتنقبض يده من الإنفاق في المعروف أهـ وإليه أشار بقوله "انقبضت عليه كل حلقة منها إلى صاحبتها وتقلصت عليه" أي اجتمعت، وانضم بعضها إلى بعض فضاقت عليه وعضت كل حلقة مكانها في رواية (٢) أي فيجتهد أن يحاول توسيعها فلا يمكنه ذلك (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) قال الخطابي في معنى الحديث هذا مثل ضربه صلى الله عليه وسلم للجواد والبخيل، وشبهها برجلين أراد أن يلبس كل واحد منهما درعا يستجن بها، والدرع أول ما يلبس إنما يقع على موصع الصدر والثديين إلى أن يسلك لابسها يديه في كميه ويرسل ذيلها على أسفل بدنه فيستمر سفلا، فجعل صلى الله عليه وسلم مثل المنفق مثل من لبس درعا سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه (وجعل البخيل) كرجل يداه مغلولتان ما بين دون صدره. فإذا أراد لبس الدرع حالت يداه بينها وبين أن أن تمر سفلا على البدن واجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته فكانت ثقلا ووبالا عليه من غير وقاية له وتحصين لبدنه، وحاصله أن الجواد إذا هم بالنفقة اتسع لذلك صدره وطاوعت يداه فامتدتا بالعطاء، وأن البخيل يضيق صدره وتنقبض يده عن الاتفاق؛ وثيل ضرب المثل بهما لأن المنفق يستره الله بنفقته ويستر عوراته في الدنيا والآخرة كستر هذه الجبة لابسها والبخيل كمن لبس جبة إلى ثدييه فيبقى مكشوفا ظاهر العورة مفتضحا في الدارين أهـ

(٥) عن أبي الدرداء (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا همام عن قتادة عن خليد العصيري عن أبي الدرداء رضي الله عنه- الحديث"

<<  <  ج: ص:  >  >>