للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثقلين يا أيها الناس هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ولا آبت شمس قط إلا بعث بجنتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين، اللهم أعط متفقا خلفا وأعط ممسكا مالا تلفا.

(٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله


(غريبه) (١) أي الأنس والجن "وقوله هلموا" أي أقبلوا إلى ربكم وتصدقوا بفضل ما لكم ولا تبخلوا به رغبة في التكثير؛ فإن ما قل من المال وكفى صاحبه بعد إخراج الصدقة منه خير مما كثر وألهى صاحبه عن التصدق وفعل الخير (٢) أي غربت (٣) أبهم الخلف ليتناول المال والثواب وغيرهما، وكم من منفق مات قبل أن يقع له الخلف المالي فيكون خلفه الثواب المعد له في الآخرة أو يدفع عنه من السوء ما يقابل ذلك (٤) هكذا رواية الإمام أحمد عن أبي الدرداء بزيادة "مالا" وعند الشيخين من حديث أبي هريرة بدون ذكر المال، ولفظهما "اللهم أعط ممسكا تلفا" والتعبير بالعطية في الممسك للمشاكلة لأن التلف ليس بعطبة (ومالا) مفعول للمسك (وتلفا) مفعول لأعط، والدعاء بالخلف أعم من أن يكون لأحوال الدنيا فقط أو لأحوال الآخرة فقط بل يعم الأمرين، وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه أو تلف نفس صاحب المال، والمراد به فوات أعمال البر بالتشاغل بغيرها (وقال النووي) الإنفاق الممدوح ما كان في الطاعات وعلى العيال والضيفان والتطوعات (وقال القرطبي) وهو يعم الواجبات والمندوبات، لطن الممسك عن المندوبات لا يستحق هذا الدعاء إلا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحق الذي عليه ولو أخرجه (تخريجه) (حب. ك) بنحوه وقال صحيح الإسناد، ورواه البيهقي من طريق الحاكم ولفظه في إحدى رواياته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم طلعت شمسه إلا وبجنتيها ملكان يناديان نداء يسمعه ما خلق الله كلهم غير الثقلين؛ اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا، وأنزل الله في ذلك قرآنا في قول الملكين "يا أيها الناس هلموا إلى ربكم" في سورة يونس "والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" وأنزل في قولهما "اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا" (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى) إلى قوله للعسرى.

(٦) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا سفيان عن

<<  <  ج: ص:  >  >>