للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آله وصحبه وسلم لما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمين قال إنك تأتي قوما أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله عز وجل افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله


(غريبه) كان بعثه صلى الله عليه وسلم لمعاذ إلى اليمن سنة عشر قبل حج النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره البخاري في أواخر المغازي، وقيل كان آخر سنة تسع عند منصرفه صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، رواه الواقدي بإسناده إلى كعب بن مالك وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات عنه ثم حكى ابن سعد أنه كان في ربيع الآخر سنة عشر، وقيل بعثه عام الفتح سنة ثمان، واتفقوا على أنه لم يزل باليمن إلى أن قدم في عهد أبي بكر ثم توجه إلى الشام فمات بها، واختلف هل كان واليا أو قاضيا، فجزم ابن عبد البر بالثاني، والنسائي بالأول والله أعلم (٢) هذا كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة فلا يكون في مخاطبتهم كمخاطبة الجهال من عبدة الأوثان (٣) إنما وقعت البداءة بالشهادتين لأنهما أصل الدين الذي لا يصح بشيء غيرهما؛ فمن كان منهم غير موحد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومن كان موحدا فالمطالبة له بالجمع بينهما (٤) استدل به على أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة حيث دعوا أولا إلى الإيمان فقط، ثم دعوا إلى العمل، ورتب ذلك عليه بالفاء، وتعقب بأن مفهوم الشرك مختلف في الاحتجاج به وبأن الترتيب في الدعوة لا يستلزم الترتيب في الوجوب كما أن الصلاة والزكاة لا ترتيب بينهما في الوجوب، وقد قدمت احداهما على الأخرى في هذا الحديث ورتبت الأخرى عليها بالفاء (٥) استدل به على أن الوتر ليس بفرض، وكذلك تحية المسجد وصلاة العيد، وتقدم الكلام على ذلك في أبوابه (٦) قال ابن دقيق العيد يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد أن هم أطاعوك بالإقرار بوجوبها عليهم والتزامهم بها، والثاني أن يكون المراد الطاعة بالفعل، وقد رجح الأول بأن المذكور هو الإخبار بالفريضة فتعود الإشارة إليها، ويرجح الثاني أنهم لو أخبروا بالفريضة فبادروا بالامتثال لا بالفعل لكفى ولم يشترط التلفظ، بخلاف الشهادتين فالشرط عدم الإنكار والإذعان للوجوب (وقال الحافظ) المراد القدر المشترك بين الأمرين فمن امتثل بالإقرار أو بالفعل كفاه أو بهما فأولى، وقد وقع في رواية الفضل بن العلاء بعد ذكر الصلاة، فإذا صلوا وبعد ذكر الزكاة، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>