للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم وأتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله عز وجل حجاب.


(١) استدل به على الإمام هو الذي يتولى قض الزكاة وصرفها غما بنفسه وإما بنائبه فمن امتنع منهم أخذت منه قهرا؛ واستدل بقوله "على فقرائهم" لقول مالك وغيره إنه يكفي إخراج الزكاة في صنف واحد، وفيه بحث كما قال ابن دقيق العيد لاحتمال أن يكون ذكر الفقراء لكونهم الغالب في ذلك وللمطابقة بينهم وبين الأغنياء، وقال الخطابي وقد يستدل به من لا يرى المديون زكاة إذا لم يفضل من الدين الذي عليه قدر نصاب لأنه ليس بغني، إذ إخراج ماله مستحق لغرمائه (٢) كرائم منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره والكرائم جمع كريمة أي نفيسة، وفيه دليل على أنه لا يجوز للمصدق أخذ خيار المال لأن الزكاة لمواساة الفقراء، فلا يناسب ذلك الإجحاف بالمالك إلا يرضاه (٣) فيه تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم، والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ كرائم الأموال الإشارة إلى أن أخذها ظلم (٤) أي ليس لها صارف يصرفها ولا مانع، والمراد أنها مقبولة وإن كان عاصيا كما في حديث أبي هريرة مرفوعا عند الإمام وسيأتي في باب الدعوات المستجابة من كتاب الأذكار والدعوات بلفظ "دعوة المظلوم مستجابة. وإن كان فاجرا فتجوره على نفسه" (قال الحافظ) وإسناده حسن، وليس المراد أن الله تعالى حجابا يحجبه عن الناس (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) وقد استشكل عدم ذكر الصوم والحج في الحديث مع أن بعث معاذ كان في آخر الأمر كما تقدم، وأجاب ابن الصلاح أن ذلك تقصير من بعض الرواة، وتعقب بأنه يفضي إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الأحاديث النبوية لاحتمال الزيادة والنقصان، وأجاب الكرماني بأن اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر، ولهذا كررا في القرآن، فمن ثم لم يذكر الصوم والحج في هذا الحديث مع أنهما من أركان الإسلام، وقيل إذا كان الكلام في بيان الأركان لم يخل الشارع منه بشيء كحديث (بني الإسلام على خمس) فإذا كان في الدعاء إلى الإسلام اكتفى بالأركان الثلاثة الشهادة والزكاة، ولو كان بعد وجود فرض الحج والصوم لقوله تعالى "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة" مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>