وكل حديث يقال في أوله حدثنا فلان غير عبد الله وأبيه فهو من زوائد القطيعي فهذه قاعدة عظيمة ينبغي أن تعرفها، فبقيت بين عاملين إما أن أسير في العمل مع ترك تمييز الزوائد والتساهل في وضع الأبواب، أو ترك العمل فيه خوفا من التساهل، ففضلت الترك، وتركت العمل مدة وجيزة لا تزيدعن شهر واكتفيت بالمسودة وقلت تنفعني في المراجعة، وفي يوم ما سألني بعض العلماء عن حديث في المسند لم يهتد الى مكانه فيه فراجعت المسودة واستخرجته بسرعة مدهشة، فسر بذلك الرجل سرورا عظيما وبعد ذهابي اعتراني اسف شديد لعدم اتمام هذا العمل الذي تعبت فيه تسع سنين وكان بيدي الجزء الاخير من المسودة فتصحفته حتى أتيت على آخره كل ذلك وأنا غارق في بحار الأسف والغم الشديد، وبينا أنا كذلك إذ وقع نظري على آخر حديث في المسودة في باب رؤية الله عز وجل يوم القيامة فقرأته بإمعان وتأمل وإذا نصه: {عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم: إذا دخل أهل الجنة الجنة، نودوا بأهل الجنة إن لكم موعدا عند الله لم تروه فقالوا: وما هو، ألم تبيض وجوهنا وتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة، قال فيكشف الحجاب، فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم منه ((وفي رواية من النظر إليه)) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}.، وما كدت أفرغ من قراءته حتى اعترتني غشية تصبحها لذه أعقبها فرح وسرور لم أر مثله فيما مضى من عمري، أتدري لم؟ لأنه هذا الحديث وقع خاتمة كتابي بطريق الصدفة وبإرادة الله عزوجل لا بإرادتي، وجاء الحديث نفسه في الجزء الرابع من المسند وقد بقى من الكتاب أكثر من ثلثه أعني مجلدين فأكثر، وكنت أتوقع وجود أحاديث في رؤية الله تعالى في المجلدين الباقيين أضعها بعد هذا الحديث في الباب نفسه ولكن لم أجد بعده حديثا في الرؤية مطلقا فبقي هذا الحديث في آخر الكتاب بإرادة الله تعالى واختياره وقد أراد الله جل شأنه